responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 203
أَهْلِ الْكِتَابِ؛ إذْ يَسْتَحِيلُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَتُسَدُّ دُونَهُ الْأَبْوَابِ.
وَهَلْ هَذَا إلَّا تَغْيِيرٌ لِمَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ الشَّرِيعَةِ.
وَإِلْزَامٌ لَهَا بِالْأَقْوَالِ الشَّنِيعَةِ؟ وَهَذَا أَشْنَعُ مِنْ سَدِّ بَابِ النِّكَاحِ بِتَصْحِيحِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ لِكُلِّ مَنْ تَزَوَّجَهَا فِي مُدَّةِ عُمُرِهِ؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ نَظِيرَ سَدِّ بَابِ الطَّلَاقِ، لَكِنْ قَدْ ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ السَّلَفِ، وَأَمَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَمِمَّا حَدَثَ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْأَعْصَارِ الْمُفَضَّلَةِ.
وَنَحْنُ نُبَيِّنُ مُنَاقَضَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلشَّرْعِ وَاللُّغَةِ وَالْعَقْلِ، ثُمَّ نُجِيبُ عَنْ شُبَهِكُمْ شُبْهَةً شُبْهَةً.
أَمَّا مُنَاقَضَتُهَا لِلشَّرْعِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ لِلْأَزْوَاجِ - إذَا أَرَادُوا اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَالتَّخَلُّصَ مِنْ الْمَرْأَةِ - الطَّلَاقَ، وَجَعَلَهُ بِحِكْمَتِهِ ثَلَاثًا تَوْسِعَةً عَلَى الزَّوْجِ؛ إذْ لَعَلَّهُ يَبْدُو لَهُ وَيَنْدَمُ فَيُرَاجِعُهَا، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ حِكْمَتِهِ وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَمْ يَجْعَلْ أَنْكِحَتَهُمْ كَأَنْكِحَةِ النَّصَارَى تَكُونُ الْمَرْأَةُ غُلًّا فِي عُنُقِ الرَّجُلِ إلَى الْمَوْتِ، وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ الشَّرِيعَتَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُنَافِيَةٌ لِإِحْدَاهُمَا مُنَافَاةٌ ظَاهِرَةٌ، وَمُشْتَقَّةٌ مِنْ الْأُخْرَى اشْتِقَاقًا ظَاهِرًا، وَيَكْفِي هَذَا الْوَجْهُ وَحْدَهُ فِي إبْطَالِهَا.
وَأَمَّا مُنَاقَضَتُهَا لِلُّغَةِ فَإِنَّهَا تَضَمَّنَتْ كَلَامًا يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَمَضْمُونُهُ إذَا وُجِدَ الشَّيْءُ لَمْ يُوجَدْ، وَإِذَا وُجِدَ الشَّيْءُ الْيَوْمَ فَهُوَ مَوْجُودٌ قَبْلَ الْيَوْمِ، وَإِذَا فَعَلْتُ الشَّيْءَ الْيَوْمَ فَقَدْ وَقَعَ مِنِّي قَبْلَ الْيَوْمِ، وَنَحْوَ هَذَا مِنْ الْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ فِي نَفْسِهِ الَّذِي هُوَ إلَى الْمُحَالِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَقَالِ.
وَأَمَّا مُنَاقَضَتُهَا لِقَضَايَا الْعُقُولِ فَلِأَنَّ الشَّرْطَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَأَخَّرَ وُجُودُهُ عَنْ وُجُودِ الْمَشْرُوطِ، وَيَتَقَدَّمَ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ فِي الْوُجُودِ، هَذَا مِمَّا لَا يَغْفُلُ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ الْعُقَلَاءِ؛ فَإِنَّ رُتْبَةَ الشَّرْطِ التَّقَدُّمُ أَوْ الْمُقَارَنَةُ، وَالْفُقَهَاءُ وَسَائِرُ الْعُقَلَاءِ مَعَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى ذَلِكَ؛ فَلَوْ صَحَّ تَعْلِيقُ الْمَشْرُوطِ بِشَرْطٍ مُتَأَخِّرٍ بَعْدَهُ لَكَانَ ذَلِكَ إخْرَاجًا لَهُ عَنْ كَوْنِهِ شَرْطًا أَوْ جُزْءَ شَرْطٍ أَوْ عِلَّةً أَوْ سَبَبًا؛ فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يَسْبِقُ شَرْطَهُ وَلَا سَبَبَهُ وَلَا عِلَّتَهُ؛ إذْ فِي ذَلِكَ إخْرَاجُ الشُّرُوطِ وَالْأَسْبَابِ وَالْعِلَلِ عَنْ حَقَائِقِهَا وَأَحْكَامِهَا، وَلَوْ جَازَ تَقْدِيمُ الْحُكْمِ عَلَى شَرْطِهِ لَجَازَ تَقْدِيمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى إيقَاعِهِ؛ فَإِنَّ الْإِيقَاعَ سَبَبٌ، وَالْأَسْبَابُ تَتَقَدَّمُ مُسَبَّبَاتُهَا، كَمَا أَنَّ الشُّرُوطَ رُتْبَتُهَا التَّقَدُّمُ؛ فَإِذَا جَازَ إخْرَاجُ هَذَا عَنْ رُتْبَتِهِ جَازَ إخْرَاجُ الْآخَرِ عَنْ رُتْبَتِهِ، فَجَوَّزُوا حِينَئِذٍ تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ عَلَى التَّطْلِيقِ وَالْعِتْقِ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالْمِلْكِ عَلَى الْبَيْعِ، وَحَلِّ الْمَنْكُوحَةِ عَلَى

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست