responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 148
وَكَذَلِكَ الشَّارِعُ أَوْجَبَ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْأَقَارِبِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قِيَامِ مَصَالِحِهِمْ وَمَصَالِحِ الْمُنْفِقِ، وَلِمَا فِي تَرْكِهِمْ مِنْ إضَاعَتِهِمْ؛ فَالتَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ الْوَاجِبِ بِالتَّمْلِيكِ فِي الصُّورَةِ مُنَاقَضَةٌ لِغَرَضِ الشَّارِعِ وَتَتْمِيمٌ لِغَرَضِ الْمَاكِرِ الْمُحْتَالِ، وَعَوْدٌ إلَى نَفْسِ الْفَسَادِ الَّذِي قَصَدَ الشَّارِعُ إعْدَامَهُ بِأَقْرَبِ الطُّرُقِ، وَلَوْ تَحَيَّلَ هَذَا الْمُخَادِعُ عَلَى إسْقَاطِ نَفَقَةِ دَوَابِّهِ لَهَلَكُوا، وَكَذَلِكَ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْوَارِثِ مِنْ الْمِيرَاثِ هُوَ حَقٌّ لَهُ جَعَلَهُ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ النَّاسِ بِهِ، فَإِبَاحَةُ التَّحَيُّلِ لِإِسْقَاطِهِ بِالْإِقْرَارِ بِمَالِهِ كُلِّهِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِخْرَاجُ الْوَارِثِ مُضَادَّةً لِشَرْعِ اللَّهِ وَدِينِهِ وَنَقْضٌ لِغَرَضِهِ وَإِتْمَامٌ لِغَرَضِ الْمُحْتَالِ، وَكَذَلِكَ تَعْلِيمُ الْمَرْأَةِ أَنْ تُقِرَّ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ إذَا أَرَادَ زَوْجُهَا السَّفَرَ بِهَا.

[فَصْلٌ أَكْثَرُ الْحِيَلِ يُنَاقِضُ أُصُولَ الْأَئِمَّةِ]
فَصْلٌ
[أَكْثَرُ الْحِيَلِ يُنَاقِضُ أُصُولَ الْأَئِمَّةِ]
وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْحِيَلِ لَا تَمْشِي عَلَى أُصُولِ الْأَئِمَّةِ، بَلْ تُنَاقِضُهَا أَعْظَمَ مُنَاقَضَةٍ. وَبَيَانُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُحَرِّمُ مَسْأَلَةَ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ وَدِرْهَمَيْنِ، وَيُبَالِغُ فِي تَحْرِيمِهَا بِكُلِّ طَرِيقٍ خَوْفًا أَنْ يُتَّخَذَ حِيلَةً عَلَى نَوْعٍ مَا مِنْ رِبَا الْفَضْلِ، فَتَحْرِيمُهُ لِلْحِيَلِ الصَّرِيحَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهِمَا إلَى رِبَا النَّسَاءِ أَوْلَى مِنْ تَحْرِيمِ مُدِّ عَجْوَةٍ بِكَثِيرٍ؛ فَإِنَّ التَّحَيُّلَ بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ عَلَى رِبَا الْفَضْلِ أَخَفُّ مِنْ التَّحَيُّلِ بِالْعِينَةِ عَلَى رِبَا النَّسَاءِ، وَأَيْنَ مَفْسَدَةُ هَذِهِ مِنْ مَفْسَدَةِ تِلْكَ؟
وَأَيْنَ حَقِيقَةُ الرِّبَا فِي هَذِهِ مِنْ حَقِيقَتِهِ فِي تِلْكَ؟ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُحَرِّمُ مَسْأَلَةَ الْعِينَةِ، وَتَحْرِيمُهُ لَهَا يُوجِبُ تَحْرِيمَهُ لِلْحِيلَةِ فِي مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ بِأَنْ يَبِيعَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةٍ فِي خِرْقَةٍ؛ فَالشَّافِعِيُّ يُبَالِغُ فِي تَحْرِيمِ مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَيُبِيحُ الْعِينَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يُبَالِغُ فِي تَحْرِيمِ الْعِينَةِ وَيُبِيحُ مَسَائِلَ مُدِّ عَجْوَةٍ، وَيَتَوَسَّعُ فِيهَا، وَأَصْلُ كُلٍّ مِنْ الْإِمَامَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي أَحَدِ الْبَابَيْنِ يَسْتَلْزِمُ إبْطَالَ الْحِيلَةِ فِي الْبَابِ الْآخَرِ، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى التَّخْرِيجِ عَلَى أُصُولِهِمْ وَنُصُوصِهِمْ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُخَرَّجَةِ دُونَ هَذَا؛ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْحِيَلَ الْمُحَرَّمَةَ فِي الدِّينِ تَقْتَضِي رَفْعَ التَّحْرِيمِ مَعَ قِيَامِ مُوجِبِهِ وَمُقْتَضِيهِ وَإِسْقَاطِ الْوُجُوبِ مَعَ قِيَامِ سَبَبِهِ، وَذَلِكَ حَرَامٌ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: اسْتِلْزَامُهَا فِعْلَ الْمُحَرَّمِ وَتَرْكَ الْوَاجِبِ.
وَالثَّانِي: مَا يَتَضَمَّنُ مِنْ الْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ وَالتَّلْبِيسِ، وَالثَّالِثُ: الْإِغْرَاءُ بِهَا وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهَا وَتَعْلِيمُهَا مَنْ لَا يُحْسِنُهَا.
وَالرَّابِعُ: إضَافَتُهَا إلَى الشَّارِعِ وَأَنَّ أُصُولَ شَرْعِهِ وَدِينِهِ تَقْتَضِيهَا.
وَالْخَامِسُ: أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَتُوبُ مِنْهَا وَلَا يَعُدُّهَا ذَنْبًا، وَالسَّادِسُ: أَنَّهُ يُخَادِعُ اللَّهَ كَمَا يُخَادِعُ الْمَخْلُوقَ، وَالسَّابِعُ: أَنَّهُ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست