responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 125
اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ كَلَامُهُ شِفَاءٌ لِلصُّدُورِ وَنُورٌ لِلْبَصَائِرِ وَحَيَاةٌ لِلْقُلُوبِ وَغِذَاءٌ لِلْأَرْوَاحِ، وَعَلَى آلِهِ؛ فَلَقَدْ أَنْعَمَ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ أَتَمَّ نِعْمَةٍ، وَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِهِ أَعْظَمَ مِنَّةٍ؛ فَلِلَّهِ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْمِنَّةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالتِّسْعُونَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ» ، وَهُمَا الرَّجُلَانِ يَقْصِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُبَارَاةَ الْآخَرِ وَمُبَاهَاتَهُ، إمَّا فِي التَّبَرُّعَاتِ كَالرَّجُلَيْنِ يَصْنَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا دَعْوَةً يَفْتَخِرُ بِهَا عَلَى الْآخَرِ وَيُبَارِيهِ بِهَا، وَأَمَّا فِي الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَائِعَيْنِ يُرَخِّصُ كُلٌّ مِنْهُمَا سِلْعَتَهُ لِمَنْعِ النَّاسِ مِنْ الشِّرَاءِ مِنْ صَاحِبِهِ، وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى كَرَاهِيَةِ الشِّرَاءِ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَهَذَا النَّهْيُ يَتَضَمَّنُ سَدَّ الذَّرِيعَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَسْلِيطَ النُّفُوسِ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُمَا وَأَكْلِ طَعَامِهِمَا تَفْرِيجٌ لَهُمَا وَتَقْوِيَةٌ لِقُلُوبِهِمَا وَإِغْرَاءٌ لَهُمَا عَلَى فِعْلِ مَا كَرِهَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالثَّانِي: أَنَّ تَرْكَ الْأَكْلِ مِنْ طَعَامِهِمَا ذَرِيعَةٌ إلَى امْتِنَاعِهِمَا وَكَفِّهِمَا عَنْ ذَلِكَ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالتِّسْعُونَ: أَنَّهُ تَعَالَى عَاقَبَ الَّذِينَ حَفَرُوا الْحَفَائِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَوَقَعَ فِيهَا السَّمَكُ يَوْمَ السَّبْتِ فَأَخَذُوهُ يَوْمَ الْأَحَدِ وَمَسَخَهُمْ اللَّهُ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، وَقِيلَ: إنَّهُمْ نَصَبُوا الشِّبَاكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَخَذُوا الصَّيْدَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَصُورَةُ الْفِعْلِ الَّذِي فَعَلُوهُ مُخَالِفٌ لَمَا نُهُوا عَنْهُ، وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا جَعَلُوا الشِّبَاكَ وَالْحَفَائِرَ ذَرِيعَةً إلَى أَخْذِ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ الصَّيْدِ يَوْمَ السَّبْتِ نَزَلُوا مَنْزِلَةَ مَنْ اصْطَادَ فِيهِ؛ إذْ صُورَةُ الْفِعْلِ لَا اعْتِبَارَ بِهَا، بَلْ بِحَقِيقَتِهِ وَقَصْدِ فَاعِلِهِ، وَيَلْزَمُ مَنْ لَمْ يَسُدَّ الذَّرَائِعَ أَنْ لَا يُحَرِّمَ مِثْلَ هَذَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي نَظِيرِهِ سَوَاءٌ، وَهُوَ وَلَوْ نَصَبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ شَبَكَةً فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ وَهُوَ مُحَرَّمٌ جَازَ لَهُ أَخْذُهُ بَعْدَ الْحِلِّ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى قَوَاعِدِ مَنْ لَمْ يَعْتَبِرْ الْمَقَاصِدَ وَلَمْ يَسُدَّ الذَّرَائِعَ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ السِّلَاحِ فِي الْفِتْنَةِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْإِعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَيَلْزَمُ مَنْ لَمْ يَسُدَّ الذَّرَائِعَ أَنْ يُجَوِّزَ هَذَا الْبَيْعَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَتَضَمَّنُ الْإِعَانَةَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَفِي مَعْنَى هَذَا كُلُّ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ مُعَاوَضَةٍ تُعِينُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَبَيْعِ السِّلَاحِ لِلْكُفَّارِ وَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَبَيْعِ الرَّقِيقِ لِمَنْ يَفْسُقُ بِهِ أَوْ يُؤَاجِرُهُ لِذَلِكَ، أَوْ إجَارَةُ دَارِهِ أَوْ حَانُوتِهِ أَوْ خَانِهِ لِمَنْ يُقِيمُ فِيهَا سُوقَ الْمَعْصِيَةِ، وَبَيْعِ الشَّمْعِ أَوْ إجَارَتِهِ لِمَنْ يَعْصِي اللَّهَ عَلَيْهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ إعَانَةٌ عَلَى مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَيُسْخِطُهُ، وَمِنْ هَذَا عَصْرُ الْعِنَبِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا وَقَدْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ وَالْمُعْتَصِرَ مَعًا، وَيَلْزَمُ مَنْ لَمْ يَسُدَّ الذَّرَائِعَ أَنْ لَا يَلْعَنَ الْعَاصِرَ، وَأَنْ يُجَوِّزَ لَهُ أَنْ يَعْصِرَ الْعِنَبَ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَيَقُولَ: الْقَصْدُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْعَقْدِ،

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست