responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 169
- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْحَقِّ، وَنَهَى عَنْ التَّقْلِيدِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَأَنْ لَا يُبَالِيَ بِمَنْ خَالَفَ فِيهِ، وَأَمَرَ بِالتَّوَقُّفِ فِيمَا أَشْكَلَ، وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافُ طَرِيقَةِ الْمُقَلِّدِينَ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[طَاعَةُ أُولِي الْأَمْرِ]
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: قَوْلُكُمْ إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ وَهُمْ الْعُلَمَاءُ، وَطَاعَتُهُمْ تَقْلِيدُهُمْ فِيمَا يُفْتُونَ بِهِ؛ فَجَوَابُهُ أَنَّ أُولِي الْأَمْرِ قَدْ قِيلَ: هُمْ الْأُمَرَاءُ، وَقِيلَ: هُمْ الْعُلَمَاءُ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالتَّحْقِيقُ، أَنَّ الْآيَةَ تَتَنَاوَلُ الطَّائِفَتَيْنِ، وَطَاعَتُهُمْ مِنْ طَاعَةِ الرَّسُولِ، لَكِنْ خَفِيَ عَلَى الْمُقَلِّدِينَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يُطَاعُونَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ إذَا أَمَرُوا بِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَكَانَ الْعُلَمَاءُ مُبَلِّغِينَ لِأَمْرِ الرَّسُولِ، وَالْأُمَرَاءُ مُنَفِّذِينَ لَهُ، فَحِينَئِذٍ تَجِبُ طَاعَتُهُمْ تَبَعًا لِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَأَيْنَ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمُ آرَاءِ الرِّجَالِ عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِيثَارُ التَّقْلِيدِ عَلَيْهَا؟ ،
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ أَكْبَرِ الْحُجَجِ عَلَيْهِمْ، وَأَعْظَمِهَا إبْطَالًا لِلتَّقْلِيدِ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ؛ أَحَدُهَا: الْأَمْرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ الَّتِي هِيَ امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابُ نَهْيِهِ، الثَّانِي: طَاعَةُ رَسُولِهِ، وَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُطِيعًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَوَامِرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُقَلِّدٌ فِيهَا لِأَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يُمْكِنْهُ تَحْقِيقُ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَلْبَتَّةَ؛ الثَّالِثُ: أَنَّ أُولِي الْأَمْرِ قَدْ نَهَوْا عَنْ تَقْلِيدِهِمْ كَمَا صَحَّ ذَلِكَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَذَكَرْنَاهُ نَصًّا عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَحِينَئِذٍ فَطَاعَتُهُمْ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَتْ وَاجِبَةً بَطَلَ التَّقْلِيدُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً بَطَلَ الِاسْتِدْلَال، الرَّابِعُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ فِي الْآيَةِ نَفْسِهَا: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: 59] وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إبْطَالِ التَّقْلِيدِ، وَالْمَنْعِ مِنْ رَدِّ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ إلَى رَأْيٍ أَوْ مَذْهَبٍ أَوْ تَقْلِيدٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا هِيَ طَاعَتُهُمْ الْمُخْتَصَّةُ بِهِمْ؛ إذْ لَوْ كَانُوا إنَّمَا يُطَاعُونَ فِيمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَانَتْ الطَّاعَةُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ لَا لَهُمْ؟ قِيلَ: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، وَطَاعَتُهُمْ إنَّمَا هِيَ تَبَعٌ لَا اسْتِقْلَالٌ، وَلِهَذَا قَرَنَهَا بِطَاعَةِ الرَّسُولِ وَلَمْ يُعِدْ الْعَامِلَ، وَأَفْرَدَ طَاعَةَ الرَّسُولِ وَأَعَادَ الْعَامِلَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ إنَّمَا يُطَاعُ تَبَعًا كَمَا يُطَاعُ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست