responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 168
مِنْ أَقْوَالِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: اُغْدُ عَالَمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا، وَلَا تَكُونَنَّ إمَّعَةً، فَأَخْرَجَ الْإِمَّعَةَ - وَهُوَ الْمُقَلَّدُ - مِنْ زُمْرَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَعَلِّمِينَ، وَهُوَ كَمَا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ فَإِنَّهُ لَا مَعَ الْعُلَمَاءِ وَلَا مَعَ الْمُتَعَلِّمِينَ لِلْعِلْمِ وَالْحُجَّةِ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ.
[لَمْ يَكُنْ الصَّحَابَةُ يُقَلِّدُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا]
الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُمْ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ يَدَعُ قَوْلَهُ لِقَوْلِ عُمَرَ، وَأَبُو مُوسَى كَانَ يَدَعُ قَوْلَهُ لِقَوْلِ عَلِيٍّ، وَزَيْدٌ يَدَعُ قَوْلَهُ لِقَوْلِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَجَوَابُهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَدَعُونَ مَا يَعْرِفُونَ مِنْ السُّنَّةِ تَقْلِيدًا لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ كَمَا تَفْعَلُهُ فِرْقَةُ التَّقْلِيدِ، بَلْ مَنْ تَأَمَّلَ سِيرَةَ الْقَوْمِ رَأَى أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا ظَهَرَتْ لَهُمْ السُّنَّةُ لَمْ يَكُونُوا يَدْعُونَهَا لِقَوْلِ أَحَدٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدَعُ قَوْلَ عُمَرَ إذَا ظَهَرَتْ لَهُ السُّنَّةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ يُعَارِضُ مَا بَلَغَهُ مِنْ السُّنَّةِ بِقَوْلِهِ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَيَقُولُ: يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنْ السَّمَاءِ، أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَتَقُولُونَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؛ فَرَحِمَ اللَّهُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَرَضِيَ عَنْهُ، فَوَاَللَّهِ لَوْ شَاهَدَ خَلْفَنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إذَا قِيلَ لَهُمْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ قَالُوا: قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، لِمَنْ لَا يُدَانِي الصَّحَابَةَ وَلَا قَرِيبًا مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَدَعُونَ أَقْوَالَهُمْ لِأَقْوَالِ هَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ الْقَوْلَ وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ؛ فَيَكُونُ الدَّلِيلُ مَعَهُمْ فَيَرْجِعُونَ إلَيْهِمْ وَيَدَعُونَ أَقْوَالَهُمْ، كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْعِلْمِ الَّذِينَ هُوَ أَحَبُّ إلَيْهِمْ مِمَّا سِوَاهُ، وَهَذَا عَكْسُ طَرِيقَةِ فِرْقَةِ أَهْلِ التَّقْلِيدِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ مَسْرُوقٍ: مَا كُنْت أَدَعُ قَوْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ.
[مَعْنَى أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ بِاتِّبَاعِ مُعَاذٍ]
الْوَجْهُ الْأَرْبَعُونَ: قَوْلُهُمْ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «قَدْ سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ فَاتَّبِعُوهُ» فَعَجَبًا لِمُحْتَجٍّ بِهَذَا عَلَى تَقْلِيدِ الرِّجَالِ فِي دِينِ اللَّهِ، وَهَلْ صَارَ مَا سَنَّهُ مُعَاذٌ سُنَّةً إلَّا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فَاتَّبِعُوهُ " كَمَا صَارَ الْأَذَانُ سُنَّةً بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِقْرَارِهِ وَشَرْعِهِ، لَا بِمُجَرَّدِ الْمَنَامِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ؟ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ مُعَاذًا فَعَلَ فِعْلًا جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ سُنَّةً، وَإِنَّمَا صَارَ سُنَّةً لَنَا حِينَ أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَا لِأَنَّ مُعَاذًا فَعَلَهُ فَقَطْ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ تَصْنَعُونَ بِثَلَاثٍ: دُنْيَا تُقَطِّعُ أَعْنَاقَكُمْ، وَزَلَّةُ عَالِمٍ، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ؛ فَأَمَّا الْعَالِمُ فَإِنْ اهْتَدَى فَلَا تُقَلِّدُوهُ دِينَكُمْ وَإِنْ اُفْتُتِنَ فَلَا تَقْطَعُوا مِنْهُ إيَاسَكُمْ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يُفْتَتَنُ ثُمَّ يَتُوبُ، وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَإِنَّ لَهُ مَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ فَمَا عَلِمْتُمْ مِنْهُ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهُ أَحَدًا.
وَمَا لَمْ تَعْلَمُوهُ فَكِلُوهُ إلَى عَالِمِهِ، وَأَمَّا الدُّنْيَا فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ فَقَدْ أَفْلَحَ وَمِنْ لَا فَلَيْسَتْ بِنَافِعَتِهِ دُنْيَاهُ، فَصَدَعَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست