responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 159
الِانْقِيَادُ لَهَا، وَالْأَخْذُ بِمَا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَحِيحَةً لَمْ يُؤْخَذْ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهَا، فَإِمَّا أَنْ تُصَحَّحَ وَيُؤْخَذَ بِهَا فِيمَا وَافَقَ قَوْلَ الْمَتْبُوعِ، وَتُضَعَّفُ أَوْ تُرَدُّ إذَا خَالَفَتْ قَوْلَهُ، أَوْ تُؤَوَّلُ؛ فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْخَطَأِ وَالتَّنَاقُضِ.
فَإِنْ قُلْتُمْ: عَارَضَ مَا خَالَفْنَاهُ مِنْهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَلَمْ يُعَارِضْ مَا وَافَقْنَاهُ مِنْهَا مَا يُوجِبُ الْعُدُولَ عَنْهُ وَاطِّرَاحَهُ.
قِيلَ: لَا تَخْلُو هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً أَوْ مُحْكَمَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَنْسُوخَةً لَمْ يُحْتَجَّ بِمَنْسُوخٍ أَلْبَتَّةَ، وَإِنْ كَانَتْ مُحْكَمَةً لَمْ يَجُزْ مُخَالَفَةُ شَيْءٍ مِنْهَا أَلْبَتَّةَ.
فَإِنْ قِيلَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ فِيمَا خَالَفْنَاهَا فِيهِ، وَمُحْكَمَةٌ فِيمَا وَافَقْنَاهَا فِيهِ.
قِيلَ: هَذَا مَعَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ يَتَضَمَّنُ مَا لَا عِلْمَ لِمُدَّعِيهِ بِهِ، [فَمُدَّعِيهِ] قَائِلٌ مَا لَا دَلِيلَ لَهُ عَلَيْهِ، فَأَقَلُّ مَا فِيهِ أَنَّ مُعَارِضًا لَوْ قَلَبَ عَلَيْهِ هَذِهِ الدَّعْوَى بِمِثْلِهَا سَوَاءٌ لَكَانَتْ دَعْوَاهُ مِنْ جِنْسِ دَعْوَاهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَلَا فَرْقَ، وَكِلَاهُمَا مُدَّعٍ مَا لَا يُمْكِنُهُ إثْبَاتُهُ؛ فَالْوَاجِبُ اتِّبَاعُ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحْكِيمُهَا وَالتَّحَاكُمُ إلَيْهَا حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى نَسْخِ الْمَنْسُوخِ مِنْهَا، أَوْ نَجْمَعَ الْأُمَّةَ عَلَى الْعَمَلِ بِخِلَافِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَهَذَا الثَّانِي مُحَالٌ قَطْعًا، فَإِنَّ الْأُمَّةَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ لَمْ تُجْمِعْ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِسُنَّةٍ وَاحِدَةٍ، إلَّا سُنَّةً ظَاهِرَةَ النَّسْخِ مَعْلُومٌ لِلْأُمَّةِ نَاسِخُهَا، وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِالنَّاسِخِ دُونَ الْمَنْسُوخِ، وَأَمَّا أَنْ تَتْرُكَ السُّنَنُ لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فَلَا، كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقِ.

[خَالَفَ الْمُقَلِّدُونَ أَمْرَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَئِمَّتِهِمْ]
الْوَجْهُ الْعِشْرُونَ: أَنَّ فِرْقَةَ التَّقْلِيدِ قَدْ ارْتَكَبَتْ مُخَالِفَةَ أَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ وَهَدْيِ أَصْحَابِهِ وَأَحْوَالِ أَئِمَّتِهِمْ، وَسَلَكُوا ضِدَّ طَرِيقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَمَّا أَمْرُ اللَّهِ فَإِنَّهُ أَمَرَ بِرَدِّ مَا تَنَازَعَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، وَالْمُقَلِّدُونَ قَالُوا: إنَّمَا نَرُدُّهُ إلَى مَنْ قَلَّدْنَاهُ؛ وَأَمَّا أَمْرُ رَسُولِهِ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ بِالْأَخْذِ بِسُنَّتِهِ وَسُنَّةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَأَمَرَ أَنْ يُتَمَسَّكَ بِهَا، وَيُعَضَّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَقَالَ الْمُقَلِّدُونَ: بَلْ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ نَتَمَسَّكُ بِقَوْلِ مَنْ قَلَّدْنَاهُ، وَنُقَدِّمُهُ عَلَى كُلِّ مَا عَدَاهُ، وَأَمَّا هَدْيُ الصَّحَابَةِ فَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ شَخْصٌ وَاحِدٌ يُقَلِّدُ رَجُلًا وَاحِدًا فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ، وَيُخَالِفُ مَنْ عَدَاهُ مِنْ الصَّحَابَةِ بِحَيْثُ لَا يَرُدُّ مِنْ أَقْوَالِهِ شَيْئًا، وَلَا يُقْبَلُ مِنْ أَقْوَالِهِمْ شَيْئًا، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْبِدَعِ وَأَقْبَحِ الْحَوَادِثِ؛ وَأَمَّا مُخَالِفَتُهُمْ لِأَئِمَّتِهِمْ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ نَهَوْا عَنْ تَقْلِيدِهِمْ وَحَذَّرُوا مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِ ذَلِكَ عَنْهُمْ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست