responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 263
الْحُكْمِ بِالْعَقْدِ مَلَكَهُ بِالشَّرْطِ الَّذِي هُوَ تَابِعٌ لَهُ، وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] فَأَبَاحَ التِّجَارَةَ الَّتِي تَرَاضَى بِهَا الْمُتَبَايِعَانِ، فَإِذَا تَرَاضَيَا عَلَى شَرْطٍ لَا يُخَالِفُ حُكْمَ اللَّهِ جَازَ لَهُمَا ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ وَإِلْزَامُهُمَا بِمَا لَمْ يَلْتَزِمَاهُ وَلَا أَلْزَمَهُمَا اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ إلْزَامُهُمَا بِمَا لَمْ يُلْزِمْهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهِ وَلَا هُمَا الْتَزَمَاهُ، وَلَا إبْطَالُ مَا شَرَطَاهُ مِمَّا لَمْ يُحَرِّمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَيْهِمَا شَرْطَهُ، وَمُحَرِّمُ الْحَلَالِ كَمُحَلِّلِ الْحَرَامِ، فَهَؤُلَاءِ أَلْغَوْا مِنْ شُرُوطِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَا لَمْ يُلْغِهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَقَابَلَهُمْ آخَرُونَ مِنْ الْقِيَاسِيِّينَ فَاعْتَبَرُوا مِنْ شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ مَا أَلْغَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ، بَلْ الصَّوَابُ إلْغَاءُ كُلِّ شَرْطٍ خَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ، وَاعْتِبَارُ كُلِّ شَرْطٍ لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[فَصْلٌ أَخْطَاءُ الْقِيَاسِيِّينَ]
وَأَمَّا أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ فَإِنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَعْتَنُوا بِالنُّصُوصِ وَلَمْ يَعْتَقِدُوهَا وَافِيَةً بِالْأَحْكَامِ وَلَا شَامِلَةً لَهَا وَغُلَاتُهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَفِ بِعُشْرِ مِعْشَارِهَا فَوَسَّعُوا طُرُقَ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ، وَقَالُوا بِقِيَاسِ الشَّبَهِ، وَعَلَّقُوا الْأَحْكَامَ بِأَوْصَافٍ لَا يُعْلَمُ أَنَّ الشَّارِعَ عَلَّقَهَا بِهَا، وَاسْتَنْبَطُوا عِلَلًا لَا يُعْلَمُ أَنَّ الشَّارِعَ شَرَّعَ الْأَحْكَامَ لِأَجْلِهَا، ثُمَّ اضْطَرَّهُمْ ذَلِكَ إلَى أَنْ عَارَضُوا بَيْنَ كَثِيرٍ مِنْ النُّصُوصِ وَالْقِيَاسِ، ثُمَّ اضْطَرَبُوا فَتَارَةً يُقَدِّمُونَ الْقِيَاسَ، وَتَارَةً يُقَدِّمُونَ النَّصَّ، وَتَارَةً يُفَرِّقُونَ بَيْنَ النَّصِّ الْمَشْهُورِ وَغَيْرِ الْمَشْهُورِ، وَاضْطَرَّهُمْ ذَلِكَ أَيْضًا إلَى أَنْ اعْتَقَدُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ أَنَّهَا شُرِّعَتْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، فَكَانَ خَطَؤُهُمْ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: ظَنُّهُمْ قُصُورَ النُّصُوصِ عَنْ بَيَانِ جَمِيعِ الْحَوَادِثِ.
الثَّانِي: مُعَارَضَةُ كَثِيرٍ مِنْ النُّصُوصِ بِالرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ. الثَّالِثُ: اعْتِقَادُهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ أَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْمِيزَانِ وَالْقِيَاسِ، وَالْمِيزَانُ هُوَ الْعَدْلُ، فَظَنُّوا أَنَّ الْعَدْلَ خِلَافُ مَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ. الرَّابِعُ: اعْتِبَارُهُمْ عِلَلًا وَأَوْصَافًا لَمْ يُعْلَمْ اعْتِبَارُ الشَّارِعِ لَهَا وَإِلْغَاؤُهُمْ عِلَلًا وَأَوْصَافًا اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ. الْخَامِسُ: تَنَاقُضُهُمْ فِي نَفْسِ الْقِيَاسِ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا.

[فَصْلُ فِي شُمُولُ النُّصُوصِ وَإِغْنَاؤُهَا عَنْ الْقِيَاسِ]
[الْمَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكَةُ فِي الْفَرَائِضِ]
وَنَحْنُ نَعْقِدُ هَهُنَا ثَلَاثَةَ فُصُولٍ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ شُمُولِ النُّصُوصِ لِلْأَحْكَامِ وَالِاكْتِفَاءِ بِهَا عَنْ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ.
الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي سُقُوطِ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ وَالْقِيَاسِ، وَبُطْلَانِهَا مَعَ وُجُودِ النَّصِّ. الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ أَنَّ أَحْكَامَ الشَّرْعِ كُلَّهَا عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ، وَلَيْسَ فِيمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُكْمٌ يُخَالِفُ الْمِيزَانَ وَالْقِيَاسَ الصَّحِيحَ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 263
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست