responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 262
فَصْلٌ [رَدُّ الْجُمْهُورِ عَلَى أَجْوِبَةِ الْمَانِعِينَ]
قَالَ الْجُمْهُورُ: أَمَّا دَعْوَاكُمْ النَّسْخَ فَإِنَّهَا دَعْوَى بَاطِلَةٌ تَتَضَمَّنُ أَنَّ هَذِهِ النُّصُوصَ لَيْسَتْ مِنْ دِينِ اللَّهِ، وَلَا يَحِلُّ الْعَمَلُ بِهَا، وَتَجِبُ مُخَالَفَتُهَا، وَلَيْسَ مَعَكُمْ بُرْهَانٌ قَاطِعٌ بِذَلِكَ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَأَيْنَ الْتِجَاؤُكُمْ إلَى الِاسْتِصْحَابِ وَالتَّسَبُّبِ بِهِ مَا أَمْكَنَكُمْ؟ .
وَأَمَّا تَخْصِيصُهَا فَلَا وَجْهَ لَهُ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ الْعُمُومِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا بِبُرْهَانٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَأَمَّا ضَعْفُ بَعْضِهَا مِنْ جِهَةِ السَّنَدِ فَلَا يَقْدَحُ فِي سَائِرِهَا، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِشْهَادِ بِالضَّعِيفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُمْدَةً.
وَأَمَّا مُعَارَضَتُهَا بِمَا ذَكَرْتُمْ فَلَيْسَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ تَعَارُضٌ، وَهَذَا إنَّمَا يُعْرَفُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمُرَادِ بِكِتَابِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: " مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ " وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنَ قَطْعًا، فَإِنَّ أَكْثَرَ الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ، بَلْ عُلِمَتْ مَنْ السُّنَّةِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِكِتَابِ اللَّهِ حُكْمُهُ كَقَوْلِهِ: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فِي كَسْرِ السِّنِّ» فَكِتَابُهُ - سُبْحَانَهُ - يُطْلَقُ عَلَى كَلَامِهِ وَعَلَى حُكْمِهِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي حُكْمِ اللَّهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لَهُ فَيَكُونُ بَاطِلًا، فَإِذَا كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ حَكَمَ بِأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ، فَشَرْطُ خِلَافِ ذَلِكَ يَكُونُ شَرْطًا مُخَالِفًا لِحُكْمِ اللَّهِ، وَلَكِنْ أَيْنَ فِي هَذَا أَنَّ مَا سَكَتَ عَنْ تَحْرِيمِهِ مِنْ الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ يَكُونُ بَاطِلًا حَرَامًا؟ وَتَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ هُوَ تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ أَوْ إبَاحَةُ مَا حَرَّمَهُ أَوْ إسْقَاطُ مَا أَوْجَبَهُ، لَا إبَاحَةُ مَا سَكَتَ عَنْهُ وَعَفَا عَنْهُ، بَلْ تَحْرِيمُهُ هُوَ نَفْيُ تَعَدِّي حُدُودِهِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ تَضَمُّنِ الشَّرْطِ لِأَحَدِ تِلْكَ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ فَفَاتَكُمْ قِسْمٌ خَامِسٌ وَهُوَ الْحَقُّ، وَهُوَ مَا أَبَاحَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - لِلْمُكَلَّفِ تَنْوِيعَ أَحْكَامِهِ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي مَلَّكَهُ إيَّاهَا، فَيُبَاشِرُ مِنْ الْأَسْبَابِ مَا يُحِلُّهُ لَهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ، أَوْ يُحَرِّمُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ حَلَالًا لَهُ، أَوْ يُوجِبُهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، أَوْ يُسْقِطُ [وُجُوبَهُ] بَعْدَ وُجُوبِهِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِأَحْكَامِهِ، بَلْ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ، فَهُوَ الَّذِي أَحَلَّ وَحَرَّمَ وَأَوْجَبَ وَأَسْقَطَ، وَإِنَّمَا إلَى الْعَبْدِ الْأَسْبَابُ الْمُقْتَضِيَةُ لِتِلْكَ الْأَحْكَامِ لَيْسَ إلَّا، فَكَمَا أَنَّ شِرَاءَ الْأَمَةِ وَنِكَاحَ الْمَرْأَةِ يُحِلُّ لَهُ مَا كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ قَبْلَهُ وَطَلَاقُهَا وَبَيْعُهَا بِالْعَكْسِ يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ وَيُسْقِطُ عَنْهُ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِهَا، كَذَلِكَ الْتِزَامُهُ بِالْعَقْدِ وَالْعَهْدِ وَالنَّذْرِ وَالشَّرْطِ، فَإِذَا مَلَكَ تَغْيِيرَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست