responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 231
طَالِقٌ أَمْسِ لَمْ يَلْزَمْ بُطْلَانُ النِّكَاحِ الْيَوْمَ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُطَلِّقُ الْأَوَّلُ قَدْ طَلَّقَهَا أَمْسِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَزَوَّجَ هُوَ بِهَا الْيَوْمَ.
قُلْنَا: إذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ مِنْ غَيْرِي، أَوْ يَنْوِيَ ذَلِكَ، فَيَنْفَعَهُ حَيْثُ يَدِينُ، فَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ.
فَإِنْ قِيلَ: يُمْكِنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِالْأَمْسِ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ.
قِيلَ: هَذَا يُمْكِنُ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي لَمْ يُسْتَوْفَ إذَا كَانَ مَقْصُودُهُ الْإِخْبَارَ، فَأَمَّا إذَا قَالَ: " أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ ثَلَاثًا " وَلَمْ يَقُلْ مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلِي وَلَا نَوَاهُ فَلَا فَرْقَ أَصْلًا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِلْعَبْدِ " أَنْتَ حُرٌّ أَمْسِ " فَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ مَحْضُ الْقِيَاسِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَتْ السُّنَّةُ بَيْنَهُمَا فَقُلْتُمْ: يَجِبُ عَلَى الْبَائِنِ الْإِحْدَادُ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَالْإِحْدَادُ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْعِدَّةِ، وَإِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ مَوْتِ الزَّوْجِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَى وَأَثْبَتَ وَخَصَّ الْإِحْدَادَ بِالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ فَارَقَتْ الْمَبْتُوتَةَ فِي وَصْفِ الْعِدَّةِ وَقَدْرِهَا وَسَبَبِهَا، فَإِنَّ سَبَبَهَا الْمَوْتُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا، وَسَبَبُ عِدَّةِ الْبَائِنِ الْفِرَاقُ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ حَيًّا، ثُمَّ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَتْ السُّنَّةُ بَيْنَهُمْ فَقُلْتُمْ: إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً أَوْ غَيْرَ بَالِغَةٍ فَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا، وَالسُّنَّةُ تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ كَمَا يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ.
وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ الْقِيَاسُ الْمَحْضُ بَيْنَهُمَا فَقُلْتُمْ: لَوْ ذَبَحَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَهُوَ مَيْتَةٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَلَوْ ذَبَحَ الْحَلَالُ صَيْدًا حَرَمِيًّا فَلَيْسَ بِمَيْتَةٍ وَأَكْلُهُ حَلَالٌ، وَفَرَّقْتُمْ بِأَنَّ الْمَانِعَ فِي ذَبْحِ الْمُحْرِمِ فِيهِ، فَهُوَ كَذَبْحِ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ، فَالذَّابِحُ غَيْرُ أَهْلٍ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الذَّابِحُ أَهْلٌ، وَالْمَذْبُوحُ مَحَلٌّ لِلذَّبْحِ إذَا كَانَ حَلَالًا، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْهُ حُرْمَةُ الْمَكَانِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ حَلَّ ذَبْحُهُ، وَهَذَا مِنْ أَفْسَدِ فَرْقٍ، وَهُوَ بِاقْتِضَاءِ عَكْسِ الْحُكْمِ أَوْلَى، فَإِنَّ الْمَانِعَ فِي الصَّيْدِ الْحَرَمِيِّ فِي نَفْسِ الْمَذْبُوحِ، فَهُوَ كَذَبْحِ مَا لَا يُؤْكَلُ، وَالْمَانِعُ فِي ذَبْحِ الْمُحْرِمِ فِي الْفَاعِلِ، فَهُوَ كَذَبْحِ الْغَاصِبِ.
وَقُلْتُمْ: لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَطَرَدَهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ فَأَصَابَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَأَطَارَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى قَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ، وَكِلَاهُمَا تَوَلَّدَ الْقَتْلُ فِيهِ عَنْ فِعْلِهِ، وَفَرَّقْتُمْ بِأَنَّ الرَّمْيَ حَصَلَ بِمُبَاشَرَتِهِ وَقُوَّتِهِ الَّتِي أَمَدَّتْ السَّهْمَ فَهُوَ مَحْضُ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكَلْبِ فَإِنَّ الصَّيْدَ فِيهِ يُضَافُ إلَى فِعْلِ الْكَلْبِ، وَهَذَا الْفَرْقُ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ إرْسَالَ السَّهْمِ وَالْكَلْبِ كِلَاهُمَا مِنْ فِعْلِهِ فَاَلَّذِي تَوَلَّدَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست