responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 229
الدُّخُولِ فِيهِ، وَالرَّجُلُ لَمَّا كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الدُّخُولِ فِيهِ وَعَدَمِهِ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَإِتْمَامِهِ خُيِّرَ بَيْنَ التَّبْيِيتِ وَالنِّيَّةِ مِنْ النَّهَارِ، فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ وَمُوجَبُ السُّنَّةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِمَاعِ الصَّائِمِ وَالْمُعْتَكِفِ فَقُلْتُمْ: لَوْ جَامَعَ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ، وَلَوْ جَامَعَ الْمُعْتَكِفُ نَاسِيًا فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْجِمَاعَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الِاعْتِكَافِ، وَلِهَذَا لَا يُبَاحُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَلَيْسَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَيْلًا. وَهَذَا فَرْقٌ فَاسِدٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلصَّوْمِ فَلَمْ يَحْرُمْ فِيهِ الْجِمَاعُ، وَهُوَ مَحَلٌّ لِلِاعْتِكَافِ فَحَرُمَ فِيهِ الْجِمَاعُ، فَنَهَارُ الصَّائِمِ كَلَيْلِ الْمُعْتَكِفِ فِي ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَالْجِمَاعُ مَحْظُورٌ فِي الْوَقْتَيْنِ، وَوِزَانُ لَيْلِ الصَّائِمِ الْيَوْمُ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ الْمُعْتَكِفُ مِنْ اعْتِكَافِهِ، فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْمَحْضُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَقُلْتُمْ: لَوْ دَخَلَ عَرَفَةَ فِي طَلَبِ بَعِيرٍ لَهُ أَوْ حَاجَةٍ وَلَمْ يَنْوِ الْوُقُوفَ أَجْزَأَهُ عَنْ الْوُقُوفِ، وَلَوْ دَارَ حَوْلَ الْبَيْتِ فِي طَلَبِ شَيْءٍ سَقَطَ مِنْهُ وَلَمْ يَنْوِ الطَّوَافَ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَهَذَا خُرُوجٌ عَنْ مَحْضِ الْقِيَاسِ. وَفَرَّقْتُمْ تَفْرِيقًا فَاسِدًا فَقُلْتُمْ: الْمَقْصُودُ الْحُضُورُ بِعَرَفَةَ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَقَدْ حَصَلَ، بِخِلَافِ الطَّوَافِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الْعِبَادَةُ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، فَيُقَالُ: وَالْمَقْصُودُ بِعَرَفَةَ الْعِبَادَةُ أَيْضًا، فَكِلَاهُمَا رُكْنٌ مَأْمُورٌ بِهِ، وَلَمْ يَنْوِ الْمُكَلَّفُ امْتِثَالَ الْأَمْرِ لَا فِي هَذَا وَلَا فِي هَذَا، فَمَا الَّذِي صَحَّحَ هَذَا وَأَبْطَلَ هَذَا؟ ، وَلَمَّا تَنَبَّهَ بَعْضُ الْقِيَاسِيِّينَ لِفَسَادِ هَذَا الْفَرْقِ عَدَلَ إلَى فَرْقٍ آخَرَ فَقَالَ: الْوُقُوفُ رُكْنٌ يَقَعُ فِي نَفْسِ الْإِحْرَامِ، فَنِيَّةُ الْحَجِّ مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهِ، فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ، كَأَجْزَاءِ الصَّلَاةِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَنْسَحِبُ عَلَيْهَا نِيَّةُ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا الطَّوَافُ فَيَقَعُ خَارِجَ الْعِبَادَةِ فَلَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْإِحْرَامِ فَافْتَقَرَ إلَى النِّيَّةِ، وَنَحْنُ نَقُولُ لِأَصْحَابِ هَذَا الْفَرْقِ: رُدُّونَا إلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَقَلُّ فَسَادًا وَتَنَاقُضًا مِنْ هَذَا، فَإِنَّ الطَّوَافَ وَالْوُقُوفَ كِلَاهُمَا جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْعِبَادَةِ، فَكَيْفَ تَضَمَّنَتْ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الْعِبَادَةِ لِهَذَا الرُّكْنِ دُونَ هَذَا؟ وَأَيْضًا فَإِنَّ طَوَافَ الْمُعْتَمِرِ يَقَعُ فِي الْإِحْرَامِ، وَأَيْضًا فَطَوَافُ الزِّيَارَةِ يَقَعُ فِي بَقِيَّةِ الْإِحْرَامِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ قَبْلَهُ تَحَلُّلًا أَوَّلَ نَاقِصًا، وَالتَّحَلُّلُ الْكَامِلُ مَوْقُوفٌ عَلَى الطَّوَافِ.

وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَتْ السُّنَّةُ وَالْقِيَاس بَيْنَهُمَا فَقُلْتُمْ: إذَا أَحْرَمَ الصَّبِيُّ ثُمَّ بَلَغَ فَجَدَّدَ إحْرَامَهُ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَإِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ ثُمَّ عَتَقَ فَجَدَّدَ إحْرَامَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَالسُّنَّةُ قَدْ سَوَّتْ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا الْقِيَاسُ، فَإِنَّ إحْرَامَهُمَا قَبْلَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 229
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست