responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 225
بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَهُمْ أَعْذَرُ مِنْ وَجْهٍ، قَالَ الْمُفَرِّقُونَ: بَلْ فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا بِالْقِيَاسِ الصَّحِيحِ، فَإِنَّ لِلْقِيَاسِ عَلَمًا ظَاهِرًا يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الرَّحِمِ وَهُوَ تَقَدُّمُ الْوَلَدِ عَلَيْهِ، فَاسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، لِوُجُودِ عَلَمِهِ الدَّالِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مَعَ الْحَيْضِ عَلَمٌ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الرَّحِمِ، فَإِذَا امْتَدَّ زَمَنُهُ صَارَ امْتِدَادُهُ عَلَمًا وَدَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ حَيْضٌ مُعْتَادٌ، وَإِذَا لَمْ يَمْتَدَّ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَيْضٌ فَصَارَ كَدَمِ الرُّعَافِ.
ثُمَّ نَاقَضُوا فِي هَذَا الْفَرْقِ نَفْسَهُ أَبْيَنَ مُنَاقَضَةٍ، فَقَالَ أَصْحَابُ الثَّلَاثِ: لَوْ امْتَدَّ يَوْمَيْنِ وَنِصْفَ يَوْمٍ دَائِمًا لَمْ يَكُنْ حَيْضًا حَتَّى يَمْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الْيَوْمِ: لَوْ امْتَدَّ مِنْ غَدْوَةٍ إلَى الْعَصْرِ دَائِمًا لَمْ يَكُنْ حَيْضًا حَتَّى يَمْتَدَّ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَخَرَجُوا بِالْقِيَاسِ عَنْ مَحْضِ الْقِيَاسِ.
وَقُلْتُمْ: إذَا صَلَّى جَالِسًا ثُمَّ تَشَهَّدَ فِي حَالِ الْقِيَامِ سَهْوًا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَرَأَ فِي حَالِ التَّشَهُّدِ فَعَلَيْهِ السُّجُودُ، وَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ مُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقُلْتُمْ: إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَانْصَرَفَ لِيَتَوَضَّأَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ الْحَدَثُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ جَازَ لَهُ الْمُضِيُّ عَلَى صَلَاتِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ، ثُمَّ قُلْتُمْ: لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةً أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَوَضِّئًا فَانْصَرَفَ لِيَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْسِلَ ثَوْبَهُ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ مُتَوَضِّئًا أَوْ طَاهِرَ الثَّوْبِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَى صَلَاتِهِ، فَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ، وَفَرَّقْتُمْ بِأَنَّهُ لَمَّا ظَنَّ سَبْقَ الْحَدَثِ فَقَدْ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ انْصِرَافَ اسْتِئْنَافٍ لَا انْصِرَافَ رَفْضٍ، فَإِنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ مَا ظَنَّهُ جَازَ لَهُ الْمُضِيُّ، فَلَمْ يَصِرْ قَاصِدًا لِلْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَمْتَنِعْ الْبِنَاءُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فَلَمْ يَنْصَرِفْ انْصِرَافَ رَفْضٍ، وَإِذَا لَمْ يَقْصِدْ الرَّفْضَ لَمْ تَصِرْ الصَّلَاةُ مَرْفُوضَةً كَمَا لَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ أَوْ أَنَّ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةً؛ لِأَنَّهُ انْصَرَفَ مِنْهَا انْصِرَافَ رَفْضٍ وَنَوَى الرَّفْضَ مُقَارِنًا لِانْصِرَافِهِ، فَبَطَلَتْ كَمَا لَوْ سَلَّمَ عَامِدًا، وَهَذَا الْفَرْقُ غَيْرُ مُجْدٍ شَيْئًا، بَلْ هُوَ فَرْقٌ بَيْنَ مَا جَمَعَتْ الشَّرِيعَةُ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ انْصَرَفَ انْصِرَافًا مَأْذُونًا فِيهِ أَوْ مَأْمُورًا بِهِ، وَهُوَ مَعْذُورٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، بَلْ هَذَا الْفَرْقُ حَقِيقٌ بِاقْتِضَائِهِ ضِدَّ مَا ذَكَرْتُمْ، فَإِنَّهُ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَانْصِرَافُهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ بِتَرْكِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فَإِنَّ انْصِرَافَهُ مُبَاحٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ، فَكَيْفَ تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ هَذَا الِانْصِرَافِ وَتَبْطُلُ بِالِانْصِرَافِ الْمَأْمُورِ بِهِ؟ ثُمَّ إنَّهُ أَيْضًا فِي انْصِرَافِهِ [حِينَ] ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ يَنْصَرِفُ انْصِرَافَ تَرْكٍ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ فَرَغَ مِنْهَا، فَتَرَكَهَا تَرْكَ مَنْ قَدْ أَكْمَلَهَا، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَإِنَّمَا تَرَكَهَا تَرْكَ قَاصِدٍ لِتَكْمِلَتِهَا، فَهِيَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست