responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 223
الطَّلَاقُ، فَسَوَّيْتُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّجْعِيَّةِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ جَعَلَ هَذِهِ مُفْتَدِيَةً لِنَفْسِهَا مَالِكَةً لَهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَتِلْكَ زَوْجُهَا أَحَقُّ بِهَا، ثُمَّ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ، فَأَوْقَعْتُمْ عَلَيْهَا مُرْسَلَ الطَّلَاقِ دُونَ مُعَلَّقِهِ وَصَرِيحَهُ دُونَ كِنَايَتِهِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ مَلَّكَهُ اللَّهُ أَحَدَ الطَّلَاقَيْنِ مَلَّكَهُ الْآخَرَ، وَمَنْ لَمْ يُمَلِّكْهُ هَذَا لَمْ يُمَلِّكْهُ هَذَا.
وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَمَنَعْتُمْ مِنْ أَكْلِ الضَّبِّ وَقَدْ أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَنْظُرُ، وَقِيلَ لَهُ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ فَقَالَ: لَا، فَقِسْتُمُوهُ عَلَى الْأَحْنَاشِ وَالْفِئْرَانِ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَتْ السُّنَّةُ بَيْنَهُ مِنْ لُحُومِ الْخَيْلِ الَّتِي أَكَلَهَا الصَّحَابَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ لُحُومِ الْإِبِلِ وَأَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا، فَجَمَعَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَهُمَا فِي الْحِلِّ، وَفَرَّقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَ الضَّبِّ وَالْحَنَشِ فِي التَّحْرِيمِ، وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَتْ السُّنَّةُ بَيْنَهُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ قَالَ: «تَوَضَّؤُا مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ» فَقُلْتُمْ لَا نَتَوَضَّأُ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَتْ الشَّرِيعَةُ بَيْنَهُ فَقُلْتُمْ فِي الْقَيْءِ: إنْ كَانَ مِلْءَ الْفَمِ فَهُوَ حَدَثٌ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِحَدَثٍ، وَلَا يُعْرَفُ فِي الشَّرِيعَةِ شَيْءٌ يَكُونُ كَثِيرُهُ حَدَثًا دُونَ قَلِيلَةِ، وَأَمَّا النَّوْمُ فَلَيْسَ بِحَدَثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَظِنَّتُهُ، فَاعْتَبَرُوا مَا يَكُونُ مَظِنَّةً وَهُوَ الْكَثِيرُ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَقُلْتُمْ: لَوْ فَتَحَ عَلَى الْإِمَامِ فِي قِرَاءَتِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَلَكِنْ تُكْرَهُ؛ لِأَنَّ فَتْحَهُ قِرَاءَةٌ مِنْهُ، وَالْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ مَكْرُوهَةٌ، ثُمَّ قُلْتُمْ: فَلَوْ فَتَحَ عَلَى قَارِئٍ غَيْرِ إمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ فَتْحَهُ عَلَيْهِ مُخَاطَبَةٌ لَهُ فَأَبْطَلَتْ الصَّلَاةَ، فَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ إنْ كَانَ مُخَاطَبَةً فِي حَقِّ غَيْرِ الْإِمَامِ فَهُوَ مُخَاطَبَةٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبَةً فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَلَيْسَ بِمُخَاطَبَةٍ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، ثُمَّ نَاقَضْتُمْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَعْظَمَ مُنَاقَضَةً فَقُلْتُمْ: لَمَّا نَوَى الْفَتْحَ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ قَارِئًا إلَى كَوْنِهِ مُخَاطِبًا بِالنِّيَّةِ، وَلَوْ نَوَى الرِّبَا الصَّرِيحَ وَالتَّحْلِيلَ الصَّرِيحَ وَإِسْقَاطَ الزَّكَاةِ بِالتَّمْلِيكِ الَّذِي اتَّخَذَهُ حِيلَةً لَمْ يَكُنْ مُرَابِيًا وَلَا مُسْقِطًا لِلزَّكَاةِ وَلَا مُحَلِّلًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ.
فَيَالَلَّهِ الْعَجَبُ، كَيْفَ أَثَّرَتْ نِيَّةُ الْفَتْحِ وَالْإِحْسَانِ عَلَى الْقَارِئِ وَأَخْرَجَتْهُ عَنْ كَوْنِهِ قَارِئًا إلَى كَوْنِهِ مُخَاطِبًا وَلَمْ تُؤَثِّرْ نِيَّةُ الرِّبَا وَالتَّحْلِيلِ مَعَ إسَاءَتِهِ بِهِمَا وَقَصْدِهِ نَفْسَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ فَتَجْعَلُهُ مُرَابِيًا مُحَلِّلًا؟ وَهَلْ هَذَا إلَّا خُرُوجٌ عَنْ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَجَمْعٌ بَيْنَ مَا فَرَّقَ الشَّارِعُ بَيْنَهُمَا وَتَفْرِيقٌ بَيْنً مَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا؟

وَقُلْتُمْ: لَوْ اقْتَدَى الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ، وَلَوْ اقْتَدَى الْمُقِيمُ بِالْمُسَافِرِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست