responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 222
وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَرَفْعِ الْحَدَثِ فَسَوَّيْتُمْ بَيْنَهُمَا فِي صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا مِنْ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَاشْتَرَطْتُمْ النِّيَّةَ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَتَفْرِيقُكُمْ بِأَنَّ الْمَاءَ يُطَهِّرُ بِطَبْعِهِ فَاسْتَغْنَى عَنْ النِّيَّةِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مُطَهِّرًا إلَّا بِالنِّيَّةِ فَرْقٌ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ مُزِيلٌ لَهَا بِطَبْعِهِ. وَأَمَّا رَفْعُ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ لَيْسَ رَافِعًا لَهُ بِطَبْعِهِ، إذْ الْحَدَثُ لَيْسَ جِسْمًا مَحْسُوسًا يَرْفَعُهُ الْمَاءُ بِطَبْعِهِ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ، وَإِنَّمَا يَرْفَعُهُ بِالنِّيَّةِ، فَإِذَا لَمْ تُقَارِنْهُ النِّيَّةُ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ، فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْمَحْضُ.
وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَسَوَّيْتُمْ بَيْنَ بَدَنِ أَطْيَبِ الْمَخْلُوقَاتِ وَهُوَ وَلِيُّ اللَّهِ الْمُؤْمِنُ وَبَيْنَ بَدَنِ أَخْبَثِ الْمَخْلُوقَاتِ وَهُوَ عَدُوّهُ الْكَافِرُ، فَنَجَّسْتُمْ كِلَيْهِمَا بِالْمَوْتِ، ثُمَّ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَقُلْتُمْ: لَوْ غُسِّلَ الْمُسْلِمُ ثُمَّ وَقَعَ فِي مَاءٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ، وَلَوْ غُسِّلَ الْكَافِرُ ثُمَّ وَقَعَ فِي مَاءٍ نَجَّسَهُ، ثُمَّ نَاقَضْتُمْ فِي الْفَرْقِ بِأَنَّ الْمُسْلِمَ إنَّمَا غُسِّلَ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ فَطَهُرَ بِالْغُسْلِ لِاسْتِحَالَةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَجِسٌ بِخِلَافِ الْكَافِرِ، وَهَذَا الْفَرْقُ يَنْقُضُ مَا أَصَّلْتُمُوهُ مِنْ أَنَّ النَّجَاسَةَ بِالْمَوْتِ نَجَاسَةٌ عَيْنِيَّةٌ فَلَا تَزُولُ بِالْغُسْلِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا قَائِمٌ وَهُوَ الْمَوْتُ، وَزَوَالُ الْحُكْمِ مَعَ بَقَاءِ سَبَبِهِ مُمْتَنِعٌ، فَأَيُّ الْقِيَاسَيْنِ هُوَ الْمُعْتَدُّ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا جَمَعَتْ السُّنَّةُ وَالْقِيَاسُ بَيْنَهُمَا فَقُلْتُمْ: لَوْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَقَدْ صَلَّى مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَقَدْ صَلَّى مِنْ الْعَصْرِ رَكْعَةً صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ قَدْ سَوَّتْ بَيْنَهُمَا، وَتَفْرِيقُكُمْ بِأَنَّهُ فِي الصُّبْحِ خَرَجَ مِنْ وَقْتٍ كَامِلٍ إلَى غَيْرِ وَقْتٍ كَامِلٍ فَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَفِي الْعَصْرِ خَرَجَ مِنْ وَقْتٍ كَامِلٍ إلَى وَقْتٍ كَامِلٍ وَهُوَ وَقْتُ صَلَاةٍ فَافْتَرَقَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْقِيَاسِ إلَّا مُخَالَفَتُهُ لِصَرِيحِ السُّنَّةِ لَكَفَى فِي بُطْلَانِهِ، فَكَيْفَ وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ فِي نَفْسِهِ؟ ، فَإِنَّ الْوَقْتَ الَّذِي خَرَجَ إلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَيْسَ وَقْتَ الصَّلَاةِ الْأُولَى، فَهُوَ نَاقِصٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا، وَلَا يَنْفَعُ كَمَالُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا.
فَإِنْ قِيلَ: لَكِنَّهُ خَرَجَ إلَى وَقْتِ نَهْيٍ فِي الصُّبْحِ وَهُوَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَمْ يَخْرُجْ إلَى وَقْتِ نَهْيٍ فِي الْمَغْرِبِ.
قِيلَ: هَذَا فَرْقٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتِ نَهْيٍ عَنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا بَلْ هُوَ وَقْتُ أَمْرٍ بِإِتْمَامِهَا بِنَصِّ صَاحِبِ الشَّرْعِ حَيْثُ يَقُولُ: «فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ» وَإِنْ كَانَ وَقْتَ نَهْيٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّطَوُّعِ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمِيزَانَ الصَّحِيحَ مَعَ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَجَمَعْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَقُلْتُمْ: الْمُخْتَلِعَةُ الْبَائِنَةُ الَّتِي قَدْ مَلَكَتْ نَفْسَهَا يَلْحَقُهَا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست