responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 217
يُصِبْهَا الْمَاءُ، وَلَا أَقَامَ الْأَكْثَرَ مَقَامَ الْكُلِّ، وَاَلَّذِي جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ هُوَ الْمِيزَانُ الْعَادِلُ، لَا هَذَا الْمِيزَانُ الْعَائِلُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَقِسْتُمْ الِادِّهَانَ بِالْخَلِّ وَالزَّيْتِ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى الِادِّهَانِ بِالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ، وَيَا بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَقِيسُوا نَبِيذَ التَّمْرِ عَلَى نَبِيذِ الْعِنَبِ مَعَ قُرْبِ الْأُخُوَّةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا.
وَقُلْتُمْ: لَوْ أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ ثُمَّ سَافَرَ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ؛ لِأَنَّ سَفَرَهُ قَدْ يُتَّخَذُ وَسِيلَةً وَحِيلَةً إلَى إسْقَاطِ مَا أَوْجَبَ الشَّرْعُ، فَلَا تَسْقُطُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا مَرِضَ أَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ وَالْمَرَضَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، ثُمَّ نَاقَضْتُمْ أَعْظَمَ مُنَاقَضَةٍ فَقُلْتُمْ: لَوْ احْتَالَ لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ فَمَلَّكَ مَالَهُ لِزَوْجَتِهِ لَحْظَةً فَلَمَّا انْقَضَى الْحَوْلُ اسْتَرَدَّهُ مِنْهَا، وَاعْتِذَارُكُمْ بِالْفَرْقِ - بِأَنَّ هَذَا تَحَيُّلٌ عَلَى مَنْعِ الْوُجُوبِ، وَذَاكَ تَحَايُلٌ عَلَى إسْقَاطِ الْوَاجِبِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ - اعْتِذَارًا لَا يُجْدِي شَيْئًا، فَإِنَّهُ كَمَا لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ أَحْكَامِهِ بَعْدَ انْعِقَادِ أَسْبَابِهَا وَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ.
وَإِذَا انْعَقَدَ سَبَبُ الْوُجُودِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَلَّفِ لِإِسْقَاطِهِ بَعْدَ ذَلِكَ سَبِيلٌ، وَسَبَبُ الْوُجُوبِ هُنَا قَائِمٌ وَهُوَ الْغِنَى بِمِلْكِ النِّصَابِ، وَهُوَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْغِنَى بِهَذَا التَّحَيُّلِ. وَلَا يَعُدُّهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ وَلَا نَفْسُهُ فَقِيرًا مِسْكِينًا بِهَذَا التَّحَيُّلِ يَسْتَحِقُّ أَخْذَ الزَّكَاةِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ.
هَذَا مِنْ أَقْبَحِ الْخِدَاعِ وَالْمَكْرِ، فَكَيْفَ يَرُوجُ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ خَفَايَا الْأُمُورِ وَخَبَايَا الصُّدُورِ؟ وَأَيْنَ الْقِيَاسُ وَالْمِيزَانُ وَالْعَدْلُ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ مِنْ التَّحَيُّلِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ وَإِسْقَاطِ الْوَاجِبَاتِ؟ وَكَيْفَ تَخْرُجُ الْحِيلَةُ الْمُفْسِدَةُ الَّتِي فِي الْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ فِي كَوْنِهَا مُفْسِدَةً؟ أَمْ كَيْفَ يُقَلِّلُ بِهَا مَصْلَحَةً مَحْضَةً وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَفْسَدَةَ تَزِيدُ بِالْحِيلَةِ وَلَا تَزُولُ وَتُضَاعَفُ وَلَا تَضْعُفُ؟ فَكَيْفَ تَزُولُ الْمَفْسَدَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي اقْتَضَتْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِلْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ بِأَنْ يَشْتَرِطَا ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ يَعْقِدَا بِنِيَّةِ ذَلِكَ الشَّرْطِ وَلَا يَشْرِطَاهُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ؟ فَإِذَا أَخْلَيَا صُلْبَ الْعَقْدِ مِنْ التَّلَفُّظِ بِشَرْطِهِ حَسْبُ، وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالنَّاسُ وَهُمَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا عُقِدَ عَلَى ذَلِكَ، فَيَالَلَّهِ الْعَجَبُ، أَكَانَتْ هَذِهِ اللَّعْنَةُ عَلَى مُجَرَّدِ ذِكْرِ الشَّرْطِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، فَإِذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْعَقْدِ انْقَلَبَتْ اللَّعْنَةُ رَحْمَةً وَثَوَابًا؟ وَهَلْ الِاعْتِبَارُ فِي الْعُقُودِ إلَّا بِحَقَائِقِهَا وَمَقَاصِدِهَا؟ وَهَلْ الْأَلْفَاظُ إلَّا مَقْصُودَةٌ لِغَيْرِهَا قَصْدَ الْوَسَائِلِ؟ فَكَيْفَ يُضَاعُ الْمَقْصُودُ وَيُعْدَلُ عَنْهُ فِي عَقْدٍ مُسَاوٍ لِغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَجْلِ تَقْدِيمِ لَفْظٍ أَوْ تَأْخِيرِهِ أَوْ إبْدَالِهِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست