responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 211
وَقِسْتُمْ وَجَعَلْتُمْ الْمُحْتَقِنَ بِالْخَمْرِ كَشَارِبِهَا فِي الْفِطْرِ بِالْقِيَاسِ، وَلَمْ تَجْعَلُوهُ كَشَارِبِهَا فِي الْحَدِّ.
وَقِسْتُمْ الْكَافِرَ الذِّمِّيَّ وَالْمُعَاهَدَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي قَتْلِهِ بِهِ، وَلَمْ تَقِيسُوهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ فِي إسْقَاطِ الْقَوَدِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ قَطْعًا أَنَّ الشَّبَهَ الَّذِي بَيْنَ الْمُعَاهَدِ وَالْحَرْبِيِّ أَعْظَمُ مِنْ الشَّبَهِ الَّذِي بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - قَدْ سَوَّى بَيْنَ الْكُفَّارِ كُلِّهِمْ فِي إدْخَالِهِمْ نَارَ جَهَنَّمَ، وَفِي قَطْعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي عَدَمِ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي مَنْعِ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَطْعِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، فَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ - وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَا سَوَّى اللَّهُ بَيْنَهُ - وَسَوَّيْتُمْ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ.
وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّكُمْ قِسْتُمْ الْمُؤْمِنَ عَلَى الْكَافِرِ فِي جَرَيَانِ الْقِصَاصِ بَيْنَهُمَا فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ، وَلَمْ تَقِيسُوا الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ عَلَى الْحُرِّ فِي جَرَيَانِ الْقِصَاصِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَطْرَافِ، فَجَعَلْتُمْ حُرْمَةَ عَدُوِّ اللَّهِ الْكَافِرِ فِي أَطْرَافِهِ أَعْظَمَ مِنْ حُرْمَةِ وَلِيِّهِ الْمُؤْمِنِ، وَكَأَنَّ نَقْصَ الْمُؤْمِنِ الْعُبُودِيَّةُ الْمُوجِبَ لِلْأَجْرَيْنِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْقُصُ عِنْدَكُمْ مِنْ نَقْصِ الْكُفْرِ، وَقُلْتُمْ: يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ، ثُمَّ نَاقَضْتُمْ فَقُلْتُمْ: لَا يُؤْخَذُ طَرَفُهُ بِطَرَفِهَا، وَقُلْتُمْ: يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْآخَرِ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ نَاقَضْتُمْ فَقُلْتُمْ: لَا يُؤْخَذُ طَرَفُهَا بِطَرَفِهِ، إلَّا أَنْ تَتَسَاوَى قِيمَتُهُمَا، فَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ، فَإِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - أَلْغَى التَّفَاوُتَ بَيْنَ النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ فِي الْفَضْلِ لِمَصْلَحَةِ الْمُكَلَّفِينَ، وَلِعَدَمِ ضَبْطِ التَّسَاوِي، فَأَلْغَيْتُمْ مَا اعْتَبَرَهُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - مِنْ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَاعْتَبَرْتُمْ مَا أَلْغَاهُ مِنْ التَّفَاوُتِ.
وَقِسْتُمْ قَوْلَهُ " إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا أَوْ بَايَعْتُهُ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ " عَلَى مَا إذَا قَالَ " إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ " ثُمَّ عَدَّيْتُمْ ذَلِكَ إلَى قَوْلِهِ " الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا " ثُمَّ كَلَّمَهُ، وَلَمْ تَقِيسُوهُ عَلَى قَوْلِهِ " إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَعَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ، أَوْ حَجٌّ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، أَوْ فَمَالِي صَدَقَةٌ " وَقُلْتُمْ: هَذَا يَمِينٌ لَا تَعْلِيقُ مَقْصُودٍ، فَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ " الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا " يَمِينٌ لَا تَعْلِيقٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى أَنَّ قَصْدَ الْيَمِينِ فِي الْعِتْقِ يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِهِ، وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا حَنِثَ، وَمِمَّنْ حَكَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ، وَحَكَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ بَزِيزَةَ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِمَصَالِحِ الْأَفْهَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْأَحْكَامِ فِي بَابِ تَرْجَمَتِهِ الْبَابِ الثَّالِثِ فِي حُكْمِ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالشَّرْطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: هَلْ يَلْزَمُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَشُرَيْحٌ وَطَاوُسٌ: لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست