responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 210
وَاشْتَرَطَ أَكْثَرُ مَنْ جَوَّزَهَا كَوْنَ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَقَاسَهَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ فِي كَوْنِ الْمَالِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْعَمَلُ مِنْ وَاحِدٍ، وَتَرَكُوا مَحْضَ الْقِيَاسِ وَمُوجَبَ السُّنَّةِ، فَإِنَّ الْأَرْضَ كَالْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ، وَالْبَذْرُ يَجْرِي مَجْرَى الْمَاءِ وَالْعَمَلِ فَإِنَّهُ يَمُوتُ فِي الْأَرْضِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى رَبِّهِ مِثْلُ بَذْرِهِ وَيَقْتَسِمَا الْبَاقِيَ، وَلَوْ كَانَ كَرَأْسِ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ لَجَازَ، بَلْ اشْتَرَطَ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ مِثْلُ بَذْرِهِ كَمَا يَرْجِعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ مِثْلُ مَالِهِ، فَتَرَكُوا الْقِيَاسَ كَمَا تَرَكُوا مُوجَبَ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ وَعَمَلَ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ.
وَقِسْتُمْ إجَارَةَ الْحَيَوَانِ لِلِانْتِفَاعِ بِلَبَنِهِ عَلَى إجَارَةِ الْخُبْزِ لِلْأَكْلِ، وَهَذَا مِنْ أَفْسَدِ الْقِيَاسِ، وَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ وَمُوجَبَ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - قَالَ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] فَقِيَاسُ الشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالنَّاقَةِ لِلِانْتِفَاعِ بِلَبَنِهَا عَلَى الظِّئْرِ أَصَحُّ وَأَقْرَبُ إلَى الْعَقْلِ مِنْ قِيَاسِ ذَلِكَ عَلَى إجَارَةِ الْخُبْزِ لِلْأَكْلِ، فَإِنَّ الْأَعْيَانَ الْمُسْتَخْلَفَةَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ تَجْرِي مَجْرَى الْمَنَافِعِ كَمَا جَرَتْ مَجْرَاهَا فِي الْمَنِيحَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ، فَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ.
وَقِسْتُمْ عَلَى مَا لَا خَفَاءَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَهُوَ أَنَّ الْخُبْزَ وَالطَّعَامَ تَذْهَبُ جُمْلَتُهُ بِالْأَكْلِ وَلَا يَخْلُفُهُ غَيْرُهُ، بِخِلَافِ اللَّبَنِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ، وَهَذَا مِنْ أَجَلِّ الْقِيَاسِ.
وَقِسْتُمْ الصَّدَاقَ عَلَى مَا يُقْطَعُ فِيهِ يَدُ السَّارِقِ، وَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ وَمُوجَبَ السُّنَّةِ، فَإِنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَجُوزُ بِمَا يَتَرَاضَى عَلَيْهِ الْمُتَعَاوِضَانِ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ.
وَقِسْتُمْ الرَّجُلَ يَسْرِقُ الْعَيْنَ ثُمَّ يَمْلِكُهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَطْعِ عَلَى مَا إذَا مَلَكَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ وَمُوجَبَ السُّنَّةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُسْقِطْ الْقَطْعَ عَنْ سَارِقِ الرِّدَاءِ بَعْدَمَا وَهَبَهُ إيَّاهُ صَفْوَانُ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الرَّجُلِ يَزْنِي بِالْأَمَةِ ثُمَّ يَمْلِكُهَا فَلَمْ تَرَوْا ذَلِكَ مُسْقِطًا لِلْحَدِّ، مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
وَقِسْتُمْ قِيَاسًا أَبْعَدَ مِنْ هَذَا فَقُلْتُمْ: إذَا قُطِعَ بِسَرِقَتِهَا مَرَّةً ثُمَّ عَادَ فَسَرَقَهَا لَمْ يُقْطَعْ بِهَا ثَانِيًا، وَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ عَلَى مَا إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ فَحُدَّ بِهَا ثُمَّ زَنَى بِهَا ثَانِيَةً فَإِنَّ الْحَدَّ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ، وَلَوْ قَذَفَهُ فَحُدَّ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيًا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْحَدُّ.
وَقِسْتُمْ نَذْرَ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ فِي الِانْعِقَادِ وَوُجُوبِ الْوَفَاءِ عَلَى نَذْرِ صَوْمِ الْيَوْمِ الْقَابِلِ لَهُ شَرْعًا، وَتَرَكْتُمْ مَحْضَ الْقِيَاسِ وَمُوجَبَ السُّنَّةِ، وَلَمْ تَقِيسُوهُ عَلَى صَوْمِ يَوْمِ الْحَيْضِ، وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مَحَلٍّ لِلصَّوْمِ شَرْعًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللَّيْلِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 210
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست