responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 171
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ خَمْسَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ عُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَجَابِرٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخَمِّرُونَ وُجُوهَهُمْ مُحْرِمُونَ؛ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَقَدْ أُمِرَ بِكَشْفِ رَأْسِهِ فَالْمَرْأَةُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى. وَقَصَرَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى فَلَمْ تَمْنَعْ الْمُحْرِمَةَ مِنْ الْبُرْقُعِ وَلَا اللِّثَامِ، قَالُوا: إلَّا أَنْ يَدْخُلَا فِي اسْمِ النِّقَابِ فَتُمْنَعُ مِنْهُ، وَعُذْرُ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْمَرْجِعَ إلَى مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَدَخَلَ فِي لَفْظِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَقَطْ، وَالصَّوَابُ النَّهْيُ عَمَّا دَخَلَ فِي عُمُومِ لَفْظِهِ وَعُمُومِ مَعْنَاهُ وَعِلَّتِهِ؛ فَإِنَّ الْبُرْقُعَ وَاللِّثَامَ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّيَا نِقَابًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ، بَلْ إذَا نُهِيَتْ عَنْ النِّقَابِ فَالْبُرْقُعُ وَاللِّثَامُ أَوْلَى؛ وَلِذَلِكَ مَنَعَتْهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ اللِّثَامِ.
وَمِنْ ذَلِكَ لَفْظُ الْفِدْيَةِ، أَدْخَلَ فِيهَا طَائِفَةٌ خُلْعَ الْحِيلَةِ عَلَى فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِمَّا هُوَ ضِدُّ الْفِدْيَةِ؛ إذْ الْمُرَادُ بَقَاءُ النِّكَاحِ بِالْخَلَاصِ مِنْ الْحِنْثِ، وَهِيَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِزَوَالِ النِّكَاحِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى زَوَالِهِ، وَأَخْرَجَتْ مِنْهُ طَائِفَةٌ مَا فِيهِ حَقِيقَةُ الْفِدْيَةِ وَمَعْنَاهَا، وَاشْتَرَطَتْ لَهُ لَفْظًا مُعَيَّنًا، وَزَعَمَتْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِدْيَةً وَخُلْعًا إلَّا بِهِ، وَأُولَئِكَ تَجَاوَزُوا بِهِ، وَهَؤُلَاءِ قَصَرُوا بِهِ، وَالصَّوَابُ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَهُ الْمَالُ فَهُوَ فِدْيَةٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ، وَالْأَلْفَاظُ لَمْ تُرَدْ لِذَوَاتِهَا وَلَا تُعُبِّدْنَا بِهَا، وَإِنَّمَا هِيَ وَسَائِلُ إلَى الْمَعَانِي؛ فَلَا فَرْقَ قَطُّ بَيْنَ أَنْ تَقُولَ: " اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ " أَوْ " فَادِنِي بِأَلْفٍ " لَا حَقِيقَةً وَلَا شَرْعًا، وَلَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا؛ وَكَلَامُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ عَامٌّ فِي ذَلِكَ، لَمْ يُقَيِّدْهُ أَحَدُهُمَا بِلَفْظٍ، وَلَا اسْتَثْنَى لَفْظًا دُونَ لَفْظٍ، بَلْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَامَّةُ طَلَاقِ أَهْلِ الْيَمَنِ الْفِدَاءُ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الْخُلْعُ فُرْقَةٌ، وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ، وَقَالَ: الْخُلْعُ مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ النِّسَاءِ، وَقَالَ: مَا أَجَازَهُ الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ، وَقَالَ: إذَا خَالَعَا بَعْدَ تَطْلِيقَتَيْنِ فَإِنْ شَاءَ رَاجَعَهَا فَتَكُونُ مَعَهُ عَلَى وَاحِدَةٍ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: الْخُلْعُ مِثْلُ حَدِيثِ سَهْلَةَ إذَا كَرِهَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ وَقَالَتْ: لَا أَبَرُّ لَكَ قَسَمًا، وَلَا أُطِيعُ لَكَ أَمْرًا، وَلَا أَغْتَسِلُ لَكَ مِنْ جَنَابَةٍ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ» ، قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: «اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» ، وَجَعَلَ أَحْمَدُ ذَلِكَ فِدَاءً.
وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْخُلْعِ: أَفَسْخٌ أَمْ طَلَاقٌ هُوَ أَمْ تَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ فُرْقَةٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] ،

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست