responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 138
عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتَى مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: مَا قَبْلِي مَدْخَلٌ، فَيُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قَبْلِي مَدْخَلٌ، فَيُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ فَيَقُولُ الصِّيَامُ: مَا قَبْلِي مَدْخَلٌ، فَيُؤْتَى مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ فَيَقُولُ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنْ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إلَى النَّاسِ: مَا قَبْلِي مَدْخَلٌ، فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ قَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ قَدْ دَنَتْ لِلْغُرُوبِ فَيَقُولُ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ مَا نَسْأَلُك عَنْهُ، فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَيُقَالُ: إنَّك سَتَفْعَلُ، فَأَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُك، فَيَقُولُ: وَعَمَّ تَسْأَلُونِي؟ فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْت هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ، مَاذَا تَقُولُ فِيهِ؟ وَمَاذَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: أَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَصَدَّقْنَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيت، وَعَلَى ذَلِكَ مِتَّ، وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَيُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إلَى الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: اُنْظُرْ إلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَك فِيهَا، فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا، ثُمَّ تُجْعَلُ نِسْمَتُهُ فِي النَّسَمِ الطَّيِّبِ، وَهِيَ طَيْرٌ خُضْرٌ تَعَلَّقَ بِشَجَرِ الْجَنَّةِ، وَيُعَادُ الْجَسَدُ إلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ مِنْ التُّرَابِ. وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] » وَلَا تَسْتَطِيلُ هَذَا الْفَصْلَ الْمُعْتَرِضَ فِي الْمُفْتِي وَالشَّاهِدِ وَالْحَاكِمِ، بَلْ وَكُلُّ مُسْلِمٍ أَشَدُّ ضَرُورَةً إلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالنَّفَسِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ

فَصْلٌ.
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ - حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 30 - 31] فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَثَلَ وَمُطَابَقَتَهُ لِحَالِ مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ وَتَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ، وَيَجُوزُ لَك فِي هَذَا التَّشْبِيهِ أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَجْعَلَهُ تَشْبِيهًا مُرَكَّبًا، وَيَكُونُ قَدْ شَبَّهَ مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ وَعَبَدَ مَعَهُ غَيْرَهُ بِرَجُلٍ قَدْ تَسَبَّبَ إلَى هَلَاكِ نَفْسِهِ هَلَاكًا لَا يُرْجَى مَعَهُ نَجَاةٌ، فَصَوَّرَ بِصُورَةِ حَالِ مَنْ خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَطَفَتْهُ الطَّيْرُ فِي الْهُوِيِّ فَتَمَزَّقَ مِزَقًا فِي حَوَاصِلِهَا، أَوْ عَصَفَتْ بِهِ الرِّيحُ حَتَّى هَوَتْ بِهِ فِي بَعْضِ الْمَطَارِحِ الْبَعِيدَةِ، وَعَلَى هَذَا لَا تَنْظُرُ إلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُشَبَّهِ وَمُقَابِلِهِ مِنْ الْمُشَبَّهِ بِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمُفَرَّقِ، فَيُقَابِلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمُمَثَّلِ بِالْمُمَثَّلِ بِهِ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَدْ شَبَّهَ الْإِيمَانَ وَالتَّوْحِيدَ فِي عُلُوِّهِ وَسَعَتِهِ وَشَرَفِهِ بِالسَّمَاءِ الَّتِي هِيَ مِصْعَدَهُ وَمَهْبِطَهُ، فَمِنْهَا هَبَطَ إلَى الْأَرْضِ، وَإِلَيْهَا يَصْعَدُ مِنْهَا، وَشَبَّهَ تَارِكَ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ بِالسَّاقِطِ مِنْ السَّمَاءِ إلَى أَسْفَلِ سَافِلِينَ مِنْ حَيْثُ التَّضْيِيقِ الشَّدِيدِ وَالْآلَامِ الْمُتَرَاكِمَةِ وَالطَّيْرِ الَّذِي تَخْطَفُ أَعْضَاءَهُ وَتُمَزِّقُهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ بِالشَّيَاطِينِ الَّتِي يُرْسِلُهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِ وَتَؤُزُّهُ أَزًّا وَتُزْعِجُهُ وَتُقْلِقُهُ إلَى مَظَانِّ هَلَاكِهِ؛ فَكُلُّ شَيْطَانٍ لَهُ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست