responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دقائق التفسير نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 194
ويكتبه فِي كتاب قد يزِيد فِيهِ وَينْقص كَمَا جرت عَادَة النَّاس فِي كثير من مكاتبات الْمُلُوك وَغَيرهَا فَإِذا جَاءَ كتاب السُّلْطَان فَقيل هَذَا الَّذِي فِيهِ كَلَام السُّلْطَان بِعَيْنِه بِلَا زِيَادَة وَلَا نقص يَعْنِي لم يزدْ فِيهِ الْكَاتِب وَلَا نقص وَكَذَلِكَ من نقل كَلَام بعض الْأَئِمَّة فِي مَسْأَلَة من تصنيفه قيل هَذَا الْكَلَام كَلَام فلَان بِعَيْنِه يَعْنِي لم يزدْ فِيهِ وَلم ينقص كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نضر الله امْرأ سمع منا حَدِيثا فَبَلغهُ كَمَا سَمعه
فَقَوله فَبَلغهُ كَمَا سَمعه لم يرد بِهِ أَنه يبلغهُ بحركاته وأصواته الَّتِي سَمعه بهَا وَلَكِن أَرَادَ أَنه يَأْتِي بِالْحَدِيثِ على وَجهه لَا يزِيد فِيهِ ولاينقص فَيكون قد بلغه كَمَا سَمعه فالمستمع لَهُ من الْمبلغ يسمعهُ كَمَا قَالَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيكون قد سمع كَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا قَالَه وَذَلِكَ معنى قَوْلهم هَذَا كَلَامه بِعَيْنِه وَهَذَا نفس كَلَامه لَا يُرِيدُونَ أَن هَذَا هُوَ صَوته وحركاته وَهَذَا لَا يَقُوله عَاقل وَلَا يخْطر ببال عَاقل ابْتِدَاء وَلَكِن اتِّبَاع الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس يلجىء أَصْحَابه إِلَى القرمطة فِي السمعيات والسفسطة فِي العقليات
وَلَو ترك النَّاس على فطرتهم لكَانَتْ صَحِيحَة سليمَة فَإِذا رأى النَّاس كلَاما صَحِيحا فَإِن من تكلم بِكَلَام وَسمع مِنْهُ وَنقل عَنهُ أَو كتبه فِي كتاب لَا يَقُول عَاقل أَن نفس مَا قَامَ الْمُتَكَلّم من الْمعَانِي الَّتِي فِي قلبه والألفاظ الْقَائِمَة بِلِسَانِهِ فارقته وانتقلت عَنهُ إِلَى المستمع والمبلغ عَنهُ وَلَا فارقته وحلت فِي الْوَرق بل وَلَا يَقُول أَن نفس مَا قَامَ بِهِ من الْمعَانِي والألفاظ هُوَ نفس المداد الَّذِي فِي الْوَرق بل ولايقول أَن نفس أَلْفَاظه الَّتِي هِيَ أصواته هِيَ أصوات الْمبلغ عَنهُ فَهَذِهِ الْأُمُور كلهَا ظَاهِرَة لَا يَقُولهَا عَاقل فِي كَلَام الْمَخْلُوق إِذا سمع وَبلغ أَو كتب فِي كتاب فَكيف يُقَال ذَلِك فِي كَلَام الله الَّذِي سمع مِنْهُ وَبلغ عَنهُ أَو كتبه سُبْحَانَهُ كَمَا كتب التَّوْرَاة لمُوسَى وكما كتب الْقُرْآن فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وكما كتبه الْمُسلمُونَ فِي مصاحفهم
وَإِذا كَانَ من سمع كَلَام مَخْلُوق فَبَلغهُ عَنهُ بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ بل شعر مَخْلُوق كَمَا يبلغ شعر حسان وَابْن رَوَاحَة ولبيد وأمثالهم من الشُّعَرَاء وَيَقُول النَّاس هَذَا شعر حسان بِعَيْنِه وَهَذَا هُوَ نفس شعر حسان وَهَذَا شعر لبيد بِعَيْنِه كَقَوْلِه
... أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل ...

وَمَعَ هَذَا فَيعلم كل عَاقل أَن رُوَاة الشّعْر ومنشديه لم يسلبوا الشُّعَرَاء نفس صفاتهم حَتَّى حلت بهم بل وَلَا نفس مَا قَامَ بأولئك من صفاتهم وأفعالهم كأصواتهم وحركاتهم حلت بالرواة والمنشدين فَكيف يتَوَهَّم متوهم أَن صِفَات الْبَارِي كَلَامه أَو غير كَلَامه فَارق ذَاته وَحل فِي مخلوقاته وَأَن مَا قَامَ بالمخلوق من صِفَاته وأفعاله كحركاته وأصواته هِيَ صِفَات الْبَارِي حلت

نام کتاب : دقائق التفسير نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست