responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 636
كَانَ هُوَ التَّوْرَاةَ، وَبِالسِّرْيَانِيَّ ة كَانَ هُوَ الْإِنْجِيلَ؛ وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ لِكُلِّ عَاقِلٍ أَنَّ التَّوْرَاةَ إذَا عُرِّبَتْ لَمْ تَكُنْ مَعَانِيهَا مَعَانِيَ الْقُرْآنِ، وَإِنَّ الْقُرْآنَ إذَا تُرْجِمَ بِالْعِبْرِيَّةِ لَمْ تَكُنْ مَعَانِيهِ مَعَانِي التَّوْرَاةِ.
ثُمَّ إنَّ مِنْكُمْ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ الْمَعْنَى يُسْمَعُ؛ وَمِنْكُمْ مَنْ قَالَ لَا يُسْمَعُ. وَجَعَلْتُمْ تَكْلِيمَ اللَّهِ لِمُوسَى مِنْ جِنْسِ الْإِلْهَامِ الَّذِي يُلْهِمُ غَيْرَهُ حَيْثُ قُلْتُمْ: خَلَقَ فِي نَفْسِهِ لَطِيفَةً أَدْرَكَ بِهَا الْكَلَامَ الْقَائِمَ بِالذَّاتِ؛ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا - وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 163 - 164] فَفَرَّقَ سُبْحَانَهُ بَيْنَ إيحَائِهِ إلَى غَيْرِ مُوسَى، وَبَيْنَ تَكْلِيمِهِ لِمُوسَى.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: 51] فَفَرَّقَ بَيْنَ إيحَائِهِ - سُبْحَانَهُ - وَبَيْنَ تَكْلِيمِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.
وَالْأَحَادِيثُ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَخْصِيصِ مُوسَى بِتَكْلِيمِ اللَّهِ إيَّاهُ دُونَ إبْرَاهِيمَ وَعِيسَى وَنَحْوِهِمَا؛ وَعَلَى قَوْلِكُمْ: لَا فَرْقَ، بَلْ قَدْ زَعَمَ مَنْ زَعَمَ مِنْ أَئِمَّتِكُمْ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ كَمَا سَمِعَهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ. فَمَنْ حَصَلَ لَهُ إلْهَامٌ فِي قَلْبِهِ جَعَلْتُمُوهُ قَدْ كَلَّمَهُ اللَّهُ كَمَا كَلَّمَ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ لَمْ يَصِلُوا فِي الْإِلْحَادِ إلَى هَذَا الْحَدِّ، بَلْ مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ خَصَّ مُوسَى بِأَنْ خَلَقَ كَلَامًا فِي الْهَوَاءِ سَمِعَهُ، كَانَ أَقَلَّ بِدْعَةً مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ إلَّا بِأَنْ أَفْهَمَهُ مَعْنًى أَرَادَهُ. بَلْ هَذَا قَرِيبٌ إلَى قَوْلِ الْمُتَفَلْسِفَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَيْسَ لِلَّهِ كَلَامٌ إلَّا مَا فِي النُّفُوسِ، وَأَنَّهُ كَلَّمَ مُوسَى مِنْ سَمَاءِ عَقْلِهِ، لَكِنْ يُفَارِقُونَهَا بِإِثْبَاتِ الْمَعْنَى الْقَدِيمِ الْقَائِمِ بِذَاتِ اللَّهِ أَيْضًا.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 636
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست