responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 635
وَإِنْ قُلْتُمْ: إنَّهُ عِبَارَةٌ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ هِيَ اللَّفْظُ الَّذِي يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْمَعْنَى، وَهُنَا حُرُوفٌ وَمَعَانٍ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْمَعْنَى الْقَدِيمِ عِنْدَكُمْ.
وَإِنْ قُلْتُمْ: هَذِهِ الْحُرُوفُ وَحْدَهَا عِبَارَةٌ عَنْ الْمَعْنَى بَقِيَتْ الْمَعَانِي الْقَائِمَةُ بِقُلُوبِنَا، وَبَقِيَتْ الْحُرُوفُ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا أَوَّلًا عَنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالذَّاتِ الَّتِي هَذِهِ الْحُرُوفُ الْمَنْظُومَةُ نَظِيرُهَا عِنْدَكُمْ، لَمْ تُدْخِلُوهَا فِي كَلَامِ اللَّهِ، فَالْمُعْتَزِلَةُ فِي قَوْلِهَا بِالْحِكَايَةِ أَسْعَدُ مِنْكُمْ فِي قَوْلِكُمْ بِالْحِكَايَةِ وَبِالْعِبَارَةِ.
وَأَصْلُ هَذَا الْخَطَإِ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ قَالُوا: إنَّ الْقُرْآنَ، بَلْ كُلُّ كَلَامٍ، هُوَ مُجَرَّدُ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ؛ وَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ الْمَعَانِي.
وَمِنْ الْمَعْلُومِ عِنْدَ الْأُمَمِ أَنَّ الْكَلَامَ اسْمٌ لِلْحُرُوفِ وَلِلْمَعَانِي، وَلِلَّفْظِ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا؛ كَمَا أَنَّ اسْمَ الْإِنْسَانِ اسْمٌ لِلرُّوحِ وَالْجَسَدِ، وَإِنْ سُمِّيَ الْمَعْنَى وَحْدَهُ حَدِيثًا أَوْ كَلَامًا، أَوْ الْحُرُوفُ وَحْدَهَا حُرُوفًا أَوْ كَلَامًا فَعِنْدَ التَّقْيِيدِ وَالْقَرِينَةِ.
وَهَذَا مِمَّا اسْتَطَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَيْكُمْ بِهِ حَيْثُ أَخْرَجْتُمْ الْحُرُوفَ الْمُؤَلَّفَةَ عَنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْكَلَامِ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ عَلَيْكُمْ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ: وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ» قَالَ لَهُ مُعَاذٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ: «ثَكِلَتْك أُمُّك يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» ؟ وَشَوَاهِدُ هَذَا كَثِيرَةٌ.
ثُمَّ إنَّكُمْ جَعَلْتُمْ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ مَعْنًى وَاحِدًا مُفْرَدًا وَهُوَ الْأَمْرُ بِكُلِّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالْخَبَرُ عَنْ كُلِّ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ؛ وَهَذَا مِمَّا اشْتَدَّ إنْكَارُ الْعُقَلَاءِ عَلَيْكُمْ فِيهِ، وَقَالُوا إنَّ هَذَا مِنْ السَّفْسَطَةِ الْمُخَالِفَةِ لِصَرَائِحِ الْمَعْقُولِ.
وَأَنْتُمْ تُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ بِحُرُوفٍ وَأَصْوَاتٍ قَدِيمَةٍ أَزَلِيَّةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا قُلْتُمُوهُ أَبْعَدُ عَنْ الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ مِنْ هَذَا؛ وَإِنْ كَانَ الْعُقَلَاءُ قَدْ أَنْكَرُوا هَذَا أَيْضًا، لَكِنْ قَوْلُكُمْ أَشَدُّ نُكْرَةً؛ بَلْ قَوْلُكُمْ أَبْعَدُ مِنْ قَوْلِ النَّصَارَى الَّذِينَ يَقُولُونَ بِاسْمِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ إلَهٌ وَاحِدٌ.
ثُمَّ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ كَانَ هُوَ الْقُرْآنَ، وَبِالْعِبْرِيَّةِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 635
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست