responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 628
ثُمَّ إنَّهُمْ إذَا تَكَلَّمُوا مَعَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بَيَّنُوا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ هُوَ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَهُوَ مَا أَمَرَ بِهِ أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ، سَوَاءٌ قَدَّرَهُ أَوْ لَمْ يُقَدِّرْهُ وَهَذَا بَابٌ يَطُولُ وَصْفُهُ.
الْوَجْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذِهِ الْقَوَاعِدَ الَّتِي جَعَلْتُمُوهَا أُصُولَ دِينِكُمْ وَظَنَنْتُمْ أَنَّكُمْ بِهَا صِرْتُمْ مُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَزَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَقَدَّمْتُمْ بِهَا عَلَى سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، وَبِهَا دَفَعْتُمْ أَهْلَ الْإِلْحَادِ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِ هِيَ عِنْدَ التَّحْقِيقِ تَهْدِمُ أُصُولَ دِينِكُمْ وَتُسَلِّطُ عَلَيْكُمْ عَدُوَّكُمْ، وَتُوجِبُ تَكْذِيبَ نَبِيِّكُمْ، وَالطَّعْنَ فِي خَيْرِ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
وَهَذَا أَيْضًا فِيمَا فَعَلْتُمُوهُ فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَالْعَقْلِيَّاتِ، أَمَّا الشَّرْعِيَّاتُ فَإِنَّكُمْ لَمَّا تَأَوَّلْتُمْ مَا تَأَوَّلْتُمْ مِنْ نُصُوصِ الصِّفَاتِ الْإِلَهِيَّةِ، تَأَوَّلَتْ الْمُعْتَزِلَةُ مَا قَرَّرْتُمُوهُ أَنْتُمْ، وَاحْتَجُّوا بِمِثْلِ حُجَّتِكُمْ، ثُمَّ زَادَتْ الْفَلَاسِفَةُ وَتَأَوَّلُوا مَا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ الْإِلَهِيَّةُ فِي الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَقَالَتْ الْمُتَفَلْسِفَةُ مِثْلَ مَا قُلْتُمْ لِإِخْوَانِكُمْ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَكُنْ لَكُمْ حُجَّةٌ عَلَى الْمُتَفَلْسِفَةِ، فَإِنَّكُمْ إذَا احْتَجَجْتُمْ بِالنُّصُوصِ تَأَوَّلُوهَا، وَلِهَذَا كَانَ غَايَتُكُمْ فِي مُنَاظَرَةِ هَؤُلَاءِ أَنْ تَقُولُوا: نَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الرَّسُولَ أَخْبَرَ بِمَعَادِ الْأَبْدَانِ، وَأَخْبَرَ بِالْفَرَائِضِ الظَّاهِرَةِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ لِجَمِيعِ الْبَرِيَّةِ، وَالْأُمُورُ الضَّرُورِيَّةُ لَا يُمْكِنُ الْقَدْحُ فِيهَا.
فَإِنْ قَالَ لَكُمْ الْمُتَفَلْسِفَةُ: هَذَا غَيْرُ مَعْلُومٍ بِالضَّرُورَةِ كَانَ جَوَابُكُمْ أَنْ تَقُولُوا: هَذَا جَهْلٌ مِنْكُمْ، أَوْ تَقُولُوا: إنَّ الْعُلُومَ الضَّرُورِيَّةَ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا عَنْ النَّفْسِ، وَنَحْنُ نَجِدُ الْعِلْمَ بِهَذَا أَمْرًا ضَرُورِيًّا فِي أَنْفُسِنَا.
وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ مِنْكُمْ، لَكِنْ فِي هَذَا نَقُولُ لَكُمْ الْمُثْبِتَةُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ وَتَفْسِيرِهِ الْمَنْقُولِ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ، وَبِالْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، نَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهَا أَثْبَتُ الصِّفَاتِ، وَأَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَالَمِ، وَالْعِلْمُ بِهَذَا ضَرُورِيٌّ عِنْدَهُمْ كَمَا ذَكَرْتُمْ أَنْتُمْ فِي مَعَادِ الْأَبْدَانِ وَالشَّرَائِعِ الظَّاهِرَةِ، بَلْ لَعَلَّ الْعِلْمَ بِهَذَا أَعْظَمُ مِنْ الْعِلْمِ بِبَعْضِ مَا تُنَازِعُكُمْ فِيهِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْفَلَاسِفَةُ مِنْ أُمُورِ الْمَعَادِ كَالصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ وَالْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ، وَمَسْأَلَةِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ.
وَأَيْضًا فَالْعِلْمُ بِعُلُوِّ اللَّهِ عَلَى عَرْشِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُعْلَمُ بِضَرُورِيَّةٍ عَقْلِيَّةٍ وَأَدِلَّةٍ عَقْلِيَّةٍ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 628
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست