responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 627
قَامَتْ بِمَحَلٍّ عَادَ حُكْمُهَا عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَلَمْ يَعُدْ عَلَى غَيْرِهِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحَيَاةِ.
وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ الْكَلَامِ لَكِنَّهُمْ نَقَضُوهُ حَيْثُ مَنَعُوا أَنْ تَقُومَ بِهِ الْأَفْعَالُ مَعَ اتِّصَافِهِ بِهَا فَيُوصَفُ بِأَنَّهُ خَالِقٌ وَعَادِلٌ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ خَلْقٌ وَلَا عَدْلٌ.
ثُمَّ كَانَ مِنْ قَوْلِهِمْ الَّذِي أَنْكَرَهُ النَّاسُ، إخْرَاجُ الْحُرُوفِ عَنْ مُسَمَّى الْكَلَامِ، وَجَعْلُ دَلَالَةِ لَفْظِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا مَجَازٌ، فَأَحَبَّ أَبُو الْمَعَالِي وَمَنْ اتَّبَعَهُ كَالرَّازِيِّ أَنْ يَخْلُصُوا مِنْ هَذِهِ الشَّنَاعَةِ، فَقَالُوا: اسْمُ الْكَلَامِ يُقَالُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ، وَعَلَى الْحُرُوفِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ أَفْسَدُوا بِهِ أَصْلَ دَلِيلِهِمْ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ، فَإِنَّهُ إذَا صَحَّ أَنَّ مَا قَامَ بِغَيْرِ اللَّهِ يَكُونُ كَلَامًا لَهُ حَقِيقَةً بَطَلَتْ حُجَّتُهُمْ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّ الْكَلَامَ إذَا قَامَ بِمَحَلٍّ عَادَ حُكْمُهُ عَلَيْهِ، وَجَازَ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْكَلَامَ مَخْلُوقٌ، خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ كَلَامُهُ حَقِيقَةً وَلَزِمَهُمْ مِنْ الشَّنَاعَةِ مَا لَزِمَ الْمُعْتَزِلَةَ حَيْثُ أَلْزَمَهُمْ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ أَنْ تَكُونَ الشَّجَرَةُ هِيَ الْقَائِلَةَ لِمُوسَى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا} [طه: 14] مَعَ أَنَّ أَدِلَّتَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ امْتِنَاعِ حُلُولِ الْحَوَادِثِ لَمَّا تَبَيَّنَ لِلرَّازِيِّ وَنَحْوِهِ ضَعْفُهَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، بَلْ احْتَجَّ بِحُجَّةٍ سَمْعِيَّةٍ هِيَ مِنْ أَضْعَفِ الْحُجَجِ، حَيْثُ أَثْبَتَ الْكَلَامَ النَّفْسَانِيَّ بِالطَّرِيقَةِ الْمَشْهُورَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّهُ وَاحِدٌ، وَأَنَّهُ قَدِيمٌ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ قَالَ هَذَا، وَلَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ. هَكَذَا قَرَّرَهُ فِي نِهَايَةِ الْعُقُولِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّلِيلَ لَا يَصْلُحُ لِإِثْبَاتِ مَسْأَلَةٍ فَرْعِيَّةٍ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْفُقَهَاءِ، وَقَدْ بَيَّنَّا تَنَاقُضَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ وَجْهٍ عَقْلِيٍّ فِي هَذَا الْكِتَابِ.
وَكَانَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ قَالَ لِلْفَقِيهِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ: كَيْفَ يُعْقَلُ شَيْءٌ وَاحِدٌ هُوَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَخَبَرٌ وَاسْتِخْبَارٌ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَا هَذَا بِأَوَّلِ إشْكَالٍ وَرَدَ عَلَى مَذْهَبِ الْأَشْعَرِيِّ، وَأَيْضًا فَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَدَرِ يُسَوُّونَ بَيْنَ الْإِرَادَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَتَأَوَّلُونَ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: 7] أَيْ بِمَعْنَى لَا يُرِيدُهُ لَهُمْ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ رَضِيَهُ وَأَحَبَّهُ لِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ، وَكُلُّ مَا وَقَعَ فِي الْوُجُودِ مِنْ كُفْرٍ وَفُسُوقٍ وَعِصْيَانٍ فَاَللَّهُ يَرْضَاهُ وَيُحِبُّهُ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَقَعْ مِنْ طَاعَةٍ وَبِرٍّ وَإِيمَانٍ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَرْضَاهُ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 627
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست