responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 624
الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنْ يُقَالَ لَهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَمَّيْتَهُمْ أَهْلَ الْحَقِّ وَجَعَلْتَهُمْ قَامُوا مِنْ تَحْقِيقِ أُصُولِ الدِّينِ بِمَا لَمْ يَقُمْ بِهِ الصَّحَابَةُ هُمْ مُتَنَاقِضُونَ فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَالْعَقْلِيَّاتِ، أَمَّا الشَّرْعِيَّاتُ فَإِنَّهُمْ تَارَةً يَتَأَوَّلُونَ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَتَارَةً يُبْطِلُونَ التَّأْوِيلَ فَإِذَا نَاظَرُوا الْفَلَاسِفَةَ وَالْمُعْتَزِلَةَ الَّذِينَ يَتَأَوَّلُونَ نُصُوصَ الصِّفَاتِ مُطْلَقًا رَدُّوا عَلَيْهِمْ وَأَثْبَتُوا لِلَّهِ الْحَيَاةَ وَالْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ.
وَإِذَا نَاظَرُوا مَنْ يُثْبِتُ صِفَاتٍ أُخْرَى دَلَّ عَلَيْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كَالْمَحَبَّةِ وَالرِّضَاءِ وَالْغَضَبِ وَالْمَقْتِ وَالْفَرَحِ وَالضَّحِكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ تَأَوَّلُوهَا وَلَيْسَ لَهُمْ فَرْقٌ مَضْبُوطٌ بَيْنَ مَا يُتَأَوَّلُ وَمَا لَا يُتَأَوَّلُ. بَلْ مِنْهُمْ مَا يُحِيلُ عَلَى الْعَقْلِ، وَمِنْهُ مَا يُحِيلُ عَلَى الْكَشْفِ؛ فَأَكْثَرُ مُتَكَلِّمِيهِمْ يَقُولُونَ مَا عُلِمَ ثُبُوتُهُ بِالْعَقْلِ لَا يُتَأَوَّلُ وَمَا لَمْ يُعْلَمْ ثُبُوتُهُ بِالْعَقْلِ يُتَأَوَّلُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا عُلِمَ ثُبُوتُهُ بِالْكَشْفِ وَالنُّورِ الْإِلَهِيِّ لَا يُتَأَوَّلُ وَمَا لَمْ يُعْلَمْ ثُبُوتُهُ بِذَلِكَ يُتَأَوَّلُ وَكِلَا الطَّرِيقَيْنِ ضَلَالٌ وَخَطَأٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ عَدَمُ الدَّلِيلِ لَيْسَ دَلِيلَ الْعَدَمِ فَإِنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ يُعْقَلُ أَوْ كَشْفٌ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ أَوْ الظَّوَاهِرُ وَلَمْ تَعْلَمُوا انْتِفَاءَهُ أَنَّهُ مُنْتَفٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؟
الْوَجْهُ الثَّانِي: إنَّ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ عَزْلٌ لِلرَّسُولِ وَاسْتِغْنَاءٌ عَنْهُ وَجَعْلُهُ بِمَنْزِلَةِ شَيْخٍ مِنْ شُيُوخِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَوْ الصُّوفِيَّةِ، فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمَ مَعَ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُتَصَوِّفَ مَعَ الْمُتَصَوِّفِ يُوَافِقُهُ فِيمَا عَلِمَهُ بِنَظَرِهِ أَوْ كَشَفَهُ دُونَ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ بِنَظَرِهِ أَوْ كَشْفِهِ، بَلْ مَا ذَكَرُوهُ فِيهِ تَنْقِيصٌ لِلرَّسُولِ عَنْ دَرَجَةِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُتَصَوِّفِ فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمَ وَالْمُتَصَوِّفَ إذَا قَالَ نَظِيرَهُ شَيْئًا وَلَمْ يَعْلَمْ ثُبُوتَهُ وَلَا انْتِفَاءَهُ لَا نُثْبِتُهُ وَلَا نَنْفِيهِ.
وَهَؤُلَاءِ يَنْفُونَ مَعَانِيَ النُّصُوصِ وَيَتَأَوَّلُونَهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا انْتِفَاءَ مُقْتَضَاهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ جَعَلَ الرَّسُولَ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ كَانَ فِي قَوْلِهِ مِنْ الْإِلْحَادِ وَالزَّنْدَقَةِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، فَكَيْفَ بِمَنْ جَعَلَهُ فِي الْحَقِيقَةِ دُونَ هَؤُلَاءِ؟ وَإِنْ كَانُوا هُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا لَازِمُ قَوْلِهِمْ فَنَحْنُ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَازِمٌ لَهُمْ لِنُبَيِّنَ فَسَادَ الْأُصُولِ الَّتِي لَهُمْ، وَإِلَّا فَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يُنْزِلُ الرَّسُولَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 624
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست