responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 623
إلَى الْإِسْلَامِ مِنْ الْمَغَارِبَةِ الَّذِينَ اتَّبَعُوا الْقَرَامِطَةَ وَغَلَوْا فِي الرَّفْضِ وَالتَّجَهُّمِ حَتَّى انْسَلَخُوا مِنْ الْإِسْلَامِ فَظَنُّوا أَنَّ هَذِهِ الْأُصُولَ الَّتِي وَضَعُوهَا هِيَ أُصُولَ الدِّينِ الَّذِي لَا يَتِمُّ الدِّينُ إلَّا بِهَا، وَجَعَلُوا الصَّحَابَةَ حِينَ تَرَكُوا أُصُولَ الدِّينِ كَانُوا مَشْغُولِينَ عَنْهُ بِالْجِهَادِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ كَثِيرٍ مِنْ جُنْدِهِمْ وَمُقَاتِلَتِهِمْ الَّذِينَ قَدْ وَضَعُوا قَوَاعِدَ وَسِيَاسَةً لِلْمُلْكِ وَالْقِتَالِ فِيهَا الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ وَلَمْ نَجِدْ تِلْكَ السِّيرَةَ تُشْبِهُ سِيرَةَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ الْقَدَحُ فِيهِمْ فَأَخَذُوا يَقُولُونَ كَانُوا مُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ عَنْ هَذِهِ السِّيرَةِ وَأُبَّهَةِ الْمُلْكِ الَّذِي وَضَعْنَاهُ.
وَكُلُّ هَذَا قَوْلُ مَنْ هُوَ جَاهِلٌ بِسِيرَةِ الصَّحَابَةِ، وَعِلْمِهِمْ، وَدِينِهِمْ، وَقِتَالِهِمْ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ أَحْوَالِهِمْ فَلْيَنْظُرْ إلَى آثَارِهِمْ، فَإِنَّ الْأَثَرَ يَدُلُّ عَلَى الْمُؤَثِّرِ. هَلْ انْتَشَرَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مَا انْتَشَرَ وَظَهَرَ عَنْهُمْ؟ أَمْ هَلْ فَتَحَتْ أُمَّةٌ الْبِلَادَ وَقَهَرَتْ الْعِبَادَ، كَمَا فَعَلَتْهُ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -.
وَلَكِنْ كَانَتْ عُلُومُهُمْ وَأَعْمَالُهُمْ وَأَقْوَالُهُمْ وَأَفْعَالُهُمْ حَقًّا بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَكَانُوا أَحَقَّ النَّاسِ بِمُوَافَقَةِ قَوْلِهِمْ لِقَوْلِ اللَّهِ وَفِعْلِهِمْ لِأَمْرِ اللَّهِ، فَمَنْ حَادَ عَنْ سَبِيلِهِمْ لَمْ يَرَ مَا فَعَلُوهُ فَيُزَيَّنُ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ حَتَّى يَرَاهُ حَسَنًا وَيَظُنُّ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ مِنْ الْعُلُومِ النَّافِقَةِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا قَصَّرُوا عَنْهُ، وَهَذِهِ حَالُ أَهْلِ الْبِدَعِ.
وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِسَالَتِهِ الَّتِي رَوَاهَا عَبْدُوسٌ مَالِكٌ الْعَطَّارُ: أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: «خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» وَالْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى تَفْضِيلِ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ الثَّانِي أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أُمَّ الْفَضَائِلِ الْعِلْمُ وَالدِّينُ وَالْجِهَادُ، فَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَقَّقَ مِنْ الْعِلْمِ بِأُصُولِ الدِّينِ أَوْ مِنْ الْجِهَادِ مَا لَمْ يُحَقِّقُوهُ، كَانَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَضَلِّهِمْ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَدَّعِي مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالنُّسُكِ أَنَّهُمْ حَقَّقُوا مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْمَعَارِفِ وَالْمَقَامَاتِ وَالْأَحْوَالِ مَا لَمْ يُحَقِّقْهُ الصَّحَابَةُ، وَقَدْ يَبْلُغُ الْغُلُوُّ بِهَذِهِ الطَّوَائِفِ إلَى أَنْ يُفَضِّلُوا نُفُوسَهُمْ وَطُرُقَهُمْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَطُرُقِهِمْ وَنَجِدُهُمْ عِنْدَ التَّحْقِيقِ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَضَلِّهِمْ وَأَفْسَقِهِمْ وَأَعْجَزِهِمْ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 623
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست