responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 446
فَاعِلًا لِلْعَدْلِ، بَلْ لِخُصُوصِ وَصْفِ ذَلِكَ الْفِعْلِ فَإِنَّ الْعَدْلَ قَدْ يَكُونُ حَرَكَةً أَوْ سُكُونًا أَوْ نَحْوَهُمَا، فَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهُ يَجِبُ قِيَامُهُ بِهِ وَكُلُّ مَعْنًى لَهُ ضِدٌّ فَشَرْطُ قِيَامِهِ بِالْمَوْصُوفِ بِهِ وَاَلَّذِي يُسَمَّى عَدْلًا فِينَا مِنْ الْأَفْعَالِ فَلَهُ ضِدٌّ وَهُوَ الْجَوْرُ، فَمِنْ ذَلِكَ يَجِبُ قِيَامُهُ بِالْفَاعِلِ مِنَّا قُلْت هَذِهِ فُرُوقٌ لَا حَقِيقَةَ لَهَا عِنْدَ التَّأَمُّلِ فَإِنَّ قِيَامَ الْكَلَامِ بِالْمُتَكَلِّمِ كَقِيَامِ الْفِعْلِ بِالْفَاعِلِ سَوَاءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لَا فِي الْمُشَاهَدِ وَلَا فِي اللُّغَةِ وَالِاشْتِقَاقِ وَلَا فِي الْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ وَلِهَذَا عَدَلَ الرَّازِيّ عَنْ تَقْرِيرِ الطَّرِيقَةِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ مَنْ قَامَ بِهِ الْكَلَامُ إذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ إلَى هَذِهِ الْمُقَدَّمَةِ وَإِلَى نَفْيِ جَوَازِ كَوْنِهِ مَحِلًّا لِلْحَوَادِثِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِطَرِيقَةٍ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ وَهِيَ الْإِجْمَاعُ الْجَدَلِيُّ الْمُرَكَّبُ وَالْمُعْتَزِلَةُ طَرَدُوا هَذَا الْأَصْلَ الْفَاسِدَ لَهُمْ فِي مَسَائِلِ الصِّفَاتِ وَالْقَدْرِ فَجَعَلُوهُ مَوْصُوفًا بِمَفْعُولَاتِهِ الْقَائِمَةِ بِغَيْرِهِ حَتَّى قَالُوا مَنْ فَعَلَ الظُّلْمَ فَهُوَ ظَالِمٌ وَمَنْ فَعَلَ السَّفَهَ فَهُوَ سَفِيهٌ وَمَنْ فَعَلَ الْكَذِبَ فَهُوَ كَاذِبٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَكُلُّ هَذَا بَاطِلٌ بَلْ الْمَوْصُوفُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَنْ قَامَتْ بِهِ هَذِهِ الْأَفْعَالُ لَا مَنْ جَهِلَهَا فِعْلًا لِغَيْرِهِ أَوْ قَائِمَةً بِغَيْرِهِ.
وَالْأَشْعَرِيَّةُ عَجَزُوا عَنْ مُنَاظَرَتِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ وَمَسَائِلِ الْقَدَرِ بِكَوْنِهِمْ سَلَّمُوا لَهُ أَنَّ الرَّبَّ لَا تَقُومُ بِهِ صِفَةٌ فِعْلِيَّةٌ فَلَا يَقُومُ بِهِ عَدْلٌ وَلَا إحْسَانٌ وَلَا تَأْثِيرٌ أَصْلًا فَلَزِمَهُمْ أَنْ يَقُولُوا هُوَ مَوْصُوفٌ بِمَفْعُولَاتِهِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ قَائِمًا بِهِ وَيَكُونَ مُسَمًّى بِأَسْمَاءِ الْقَبَائِحِ الَّتِي خَلَقَهَا لَكِنْ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ كِلَابٍ يَقُولُ لَمْ يَزَلْ كَرِيمًا جَوَادًا فَهَذَا قَدْ يُجِيبُ عَنْ صِفَةِ الْإِحْسَانِ وَحْدَهَا بِذَلِكَ وَأَمَّا سَائِرُ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ مِنْ الْمُرْجِئَةِ وَالشِّيعَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فَيَقُولُونَ إنَّ الرَّبَّ تَقُومُ بِهِ الْأَفْعَالُ فَيَتَّصِفُ بِهِ طَرْدًا لِمَا ذُكِرَ فِي الْكَلَامِ وَأَنَّ الْفَاعِلَ مَنْ قَامَ بِهِ الْفِعْلُ فَالْعَادِلُ وَالْمُحْسِنُ مَنْ قَامَ بِهِ الْعَدْلُ وَالْإِحْسَانُ كَمَا أَشَرْنَا إلَى هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَبِهَذَا أَجَابَ الْقَاضِي وَابْنُ الْحَسَنِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمْ فَجَوَابُ هَؤُلَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ جَيِّدٌ لَكِنَّ تَنَازُعَ هَؤُلَاءِ هَلْ مَا يَقُومُ بِهِ يَمْتَنِعُ تَعَلُّقُهُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؟ فَالْقَاضِي وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمْ مَشَوْا عَلَى أَصْلِهِمْ فِي امْتِنَاعِ قِيَامِ الْحَوَادِثِ بِهِ وَلَكِنَّ تَفْسِيرَهُمْ لِلصَّانِعِ وَالْكَاتِبِ بِالْعَالَمِ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَإِنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ تُفَسَّرَ الْأَفْعَالُ بِالْعِلْمِ قِيلَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ فَبَطَلَ الْأَصْلُ بَلْ الْكِتَابَةُ وَالصَّنْعَةُ فِعْلٌ يَقُومُ بِهِ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ الْعِلْمَ وَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا لَا يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ أَوْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 446
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست