responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 374
{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا - وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا - وَبَنِينَ شُهُودًا - وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا - ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ - كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا - سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا - إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} [المدثر: 11 - 18] {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} [المدثر: 19] {ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} [المدثر: 20] إلَى قَوْلِهِ: {إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر: 25] وَهَذَا قَوْلٌ وَقَعَ فِيهِ طَوَائِفُ مِنْ مُتَأَخِّرِي غَالِيَةِ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ، الَّذِينَ ضَلُّوا بِكَلَامِ الْمُتَفَلْسِفَةِ فَوَقَعُوا فِيمَا يُنَافِي أَصْلَيْ الْإِسْلَامِ، شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، بِمَا وَقَعُوا فِيهِ مِنْ الْإِشْرَاكِ وَجُحُودِ حَقِيقَةِ الرِّسَالَةِ، فَهَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ غَالِيَةِ الْجَهْمِيَّةِ.
وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ الْمَشْهُورُونَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ، فَقَالُوا: إنَّهُ يَخْلُقُ كَلَامًا فِي غَيْرِهِ إمَّا فِي الْهَوَاء وَإِمَّا بَيْنَ وَرَقِ الشَّجَرَةِ الَّتِي كَلَّمَ مِنْهَا مُوسَى، وَإِمَّا غَيْرَ ذَلِكَ فَذَلِكَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ عِنْدَهُمْ، فَإِذَا قَالُوا: إنَّ اللَّهَ مُتَكَلِّمٌ حَقِيقَةً، وَإِنَّ لَهُ كَلَامًا حَقِيقَةً، فَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ وَهُوَ تَبْدِيلٌ لِلْحَقِيقَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا عِبَادَهُ، وَاللُّغَةُ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا بَنُو آدَمَ، وَالْكُتُبُ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَمَّا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ بِالْفِطْرَةِ الضَّرُورِيَّةِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا بَنُو آدَمَ إلَّا مَنْ اجْتَالَتْ الشَّيَاطِينُ فِطْرَتَهُ، أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ هُوَ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْكَلَامُ وَيَتَّصِفُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُحِبُّ وَالْمُرِيدُ مَنْ تَقُومُ بِهِ الْمَحَبَّةُ وَالْإِرَادَةُ، كَمَا أَنَّ الْعَلِيمَ وَالْقَدِيرَ مَنْ يَقُومُ بِهِ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ، وَقَدْ قَالُوا: لَيْسَ لِلَّهِ كَلَامٌ إلَّا مَا يَكُونُ قَائِمًا بِغَيْرِهِ، كَالشَّجَرَةِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الشَّجَرَةُ هِيَ الْمُتَكَلِّمَةَ بِالْكَلَامِ الَّذِي خَاطَبَ اللَّهُ بِهِ مُوسَى وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ قَالَ إنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ.
وَلَا يَنْبَغِي لِمَخْلُوقٍ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ إنَّ الْمَخْلُوقَ هُوَ الْقَائِلُ لِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَذُكِرَ لَهُ أَنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَقَالَ: كَيْفَ يَصْنَعُونَ بِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ، كَيْفَ يَصْنَعُونَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا} [طه: 14] .
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْهَاشِمِيُّ: مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقًا كَمَا زَعَمُوا، فَلِمَ صَارَ فِرْعَوْنُ أَوْلَى بِأَنْ يُخَلَّدَ فِي النَّارِ إذْ قَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى، وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي فَهَذَا أَيْضًا قَدْ ادَّعَى مَا ادَّعَى

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست