responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 373
تَكْلِيمًا؛ لِأَنَّ الْخِلَّةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الْمَحَبَّةِ، وَعِنْدَهُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ شَيْئًا فِي الْحَقِيقَةِ، وَلَا يُحِبُّهُ شَيْءٌ فِي الْحَقِيقَةِ فَلَا يَتَّخِذُ شَيْئًا خَلِيلًا، وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ يَمْتَنِعُ عِنْدَهُ عَلَى الرَّبِّ تَعَالَى.
وَكَذَلِكَ نَفَتْ الْجَهْمِيَّةُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ كَلَامٌ قَائِمٌ بِهِ، أَوْ إرَادَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ، وَادَّعَوْا مَا بَاهَتُوا بِهِ صَرِيحَ الْعَقْلِ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ، أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَكُونُ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامٍ يَكُونُ فِي غَيْرِهِ.
وَقَالُوا أَيْضًا: يَكُونُ مُرِيدًا بِإِرَادَةٍ لَيْسَتْ فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، أَوْ الْإِرَادَةُ وَصْفٌ عَدَمِيٌّ، أَوْ لَيْسَتْ غَيْرَ الْمُرَادَاتِ الْمَخْلُوقَةِ وَغَيْرَ الْأَمْرِ وَهُوَ الصَّوْتُ الْمَخْلُوقُ فِي غَيْرِهِ، فَكَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ التَّكْذِيبَ بِحَقِيقَةِ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ يُقِرُّونَ بِإِطْلَاقِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي أَطْلَقَتْهَا الرُّسُلُ وَهَذَا حَالُ الزَّنَادِقَةِ الْمُنَافِقِينَ، مِنْ الصَّابِئِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْقَرَامِطَةِ وَنَحْوِهِمْ: فِيمَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ فِي بَابِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ، بَلْ وَفِيمَا أَمَرَتْ بِهِ أَيْضًا، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُقِرُّونَ بِكَثِيرٍ مِمَّا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَتَعْظِيمِ أَقْدَارِهِمْ، فَهُمْ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ، لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةَ يَقُولُونَ إنَّ كَلَامَ اللَّهِ هُوَ مَا يُفِيضُ عَلَى نُفُوسِ الْأَنْبِيَاءِ الصَّافِيَةِ الْقُدْسِيَّةِ، مِنْ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الرُّوحُ الْمُفَارِقُ لِلْأَجْسَامِ، الَّذِي هُوَ الْعَقْلُ الْعَاشِرُ كَفَلَكِ الْقَمَرِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ الَّذِي يُفِيضُ مِنْهُ مَا فِي هَذَا الْعَالَمِ مِنْ الصُّوَرِ وَالْأَعْرَاضِ.
وَيَزْعُمُ مَنْ يَزْعُمُ مِنْ مُنَافِقِيهِمْ الَّذِينَ يُحَاوِلُونَ الْجَمْعَ بَيْنَ النُّبُوَّةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ جِبْرِيلُ، وَيَقُولُونَ: إنَّ تِلْكَ الْمَعَانِيَ الَّتِي تُفِيضُ عَلَى نَفْسِ النَّبِيِّ وَالْحُرُوفُ الَّتِي تَتَشَكَّلُ فِي نَفْسِهِ، هِيَ كَلَامُ اللَّهِ، كَمَا يَزْعُمُونَ أَنَّ مَا يُتَصَوَّرُ فِي نَفْسِهِ مِنْ الصُّوَرِ النُّورَانِيَّةِ، هِيَ مَلَائِكَةُ اللَّهِ، فَلَا وُجُودَ لِكَلَامِ اللَّهِ عِنْدَهُمْ خَارِجًا عَنْ نَفْسِ النَّبِيِّ، وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ غَيْرُ الْعُقُولِ الْعَشَرَةِ وَالنُّفُوسِ التِّسْعَةِ، أَكْثَرُهُمْ مُتَنَازِعُونَ فِيهَا، هَلْ هِيَ جَوَاهِرُ أَوْ أَعْرَاضٌ.
إنَّمَا الْمَلَائِكَةُ مَا يُوجَدُ فِي النُّفُوسِ وَالْأَبْدَانِ مِنْ الْقُوَى الصَّالِحَةِ وَالْمَعَارِفِ وَالْإِرَادَاتِ الصَّالِحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ إنْشَاءُ الرَّسُولِ وَكَلَامُهُ كَمَا قَالَ ذَلِكَ فَيْلَسُوفُ قُرَيْشٍ وَطَاغُوتُهَا الْوَحِيدُ ابْنُ الْمُغِيرَةِ، الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ:

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست