responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 347
فَكَيْفَ وَقَدْ أَوْجَبُوا اعْتِقَادَهُ إيجَابًا مُجَرَّدًا لَمْ يَذْكُرُوا عَلَيْهِ دَلِيلًا أَصْلًا وَهَلْ هَذَا إلَّا فِي غَايَةِ الْمُنَاقَضَةِ وَالتَّبْدِيلِ لِلْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ فَإِنَّ مَنْ أَبَاحَ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ الْأَفْعَالِ كَانَ خَارِجًا عَنْ الشَّرِيعَةِ فَكَيْفَ بِمَنْ أَوْجَبَهَا وَعَاقَبَ عَلَيْهَا؟ فَكَيْفَ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الِاعْتِقَادَاتِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ الْأَفْعَالِ؟ .
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ جَوَازُ التَّقْلِيدِ أَوْ وُجُوبُهُ فِي مِثْلِ هَذَا لَكَانَ لِمَنْ يُسَوَّغُ تَقْلِيدُهُ فِي الدِّينِ، كَالْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ، الَّذِينَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هِدَايَتِهِمْ وَدِرَايَتِهِمْ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ يُسَوَّغُ لِلْمُسْلِمِينَ تَقْلِيدُهُ فِي فُرُوعِ دِينِهِمْ، فَكَيْفَ يُقَلِّدُونَهُ أُصُولَ دِينِهِمْ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ، فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ وَإِنْ قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، فَلَيْسَ فِي قَائِلِيهِ مَنْ هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ الَّذِينَ لَهُمْ قَوْلٌ مَتْبُوعٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ، فَإِنَّ أَصْحَابَ الْوُجُوهِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كَأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ بْنِ خَيْرَانَ، وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ، وَنَحْوِ هَؤُلَاءِ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ، بَلْ الْمَحْفُوظُ عَمَّنْ حُفِظَ عَنْهُ كَلَامٌ فِي هَذَا ضِدُّ هَذَا الْقَوْلِ، وَغَايَتُهُ أَنْ يُحْكَى عَنْ مِثْلِ أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ، وَهُوَ أَجَلُّ مَنْ يُحْكَى عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَأَبُو الْمَعَالِي لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَوْ يَجِبُ تَقْلِيدُهُ فِي أُصُولِ الدِّينِ هَذَا وَهُوَ الذَّكِيُّ اللَّوْذَعِيُّ، وَكِتَابُهُ فِي الْمَذْهَبِ هُوَ الَّذِي رَفَعَ قَدْرَهُ وَفَخَّمَ أَمْرَهُ، فَإِذَا لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُهُ فِيمَا ارْتَفَعَ بِهِ قَدْرُهُ وَعَظُمَ بِهِ أَمْرُهُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، فَكَيْفَ يُقَلَّدُ فِي الْأَمْرِ الَّذِي كَثُرَ فِيهِ الِاضْطِرَابُ وَأَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَتَابَ، وَهَجَرَهُ عَلَى بَعْضِ مَسَائِلِهِ مِثْلُ أَبِي الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيِّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا حَالُ مَنْ يُقَلِّدُ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ الْأُسْتَاذَ الْمُطَاعَ، فَكَيْفَ بِمَنْ يُقَلِّدُ مَنْ هُوَ دُونَهُ بِلَا نِزَاعٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّقْلِيدَ فِي الْفُرُوعِ دُونَ الْأُصُولِ، إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ كَانَ عَالِمًا بِمَدَارِك الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَأَبُو الْمَعَالِي لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذَا الصِّنْفِ، فَإِنَّهُ كَانَ قَلِيلَ الْمَعْرِفَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَعَامَّةِ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي الشَّرِيعَةِ الْإِجْمَاعُ فِي الْمَسَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ، وَالْقِيَاسُ أَوْ التَّقْلِيدُ فِي الْمَسَائِلِ الظَّنِّيَّةِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَسَائِلِ أُصُولِ الدِّينِ غَالِبُ أَمْرِهِ الدَّوَرَانُ بَيْنَ الْإِجْمَاعِ السَّمْعِيِّ الْقَطْعِيِّ وَالْقِيَاسِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 347
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست