responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 346
الْمُتَكَلِّمِينَ بِنَفْيِ الْجِهَةِ وَالْحَيِّزِ عَنْ اللَّهِ أَنَّهُمْ يَعْنُونَهَا، فَإِنْ كَانُوا عَنُوا مَعْنًى آخَرَ كَانَ عَلَيْهِمْ بَيَانُهُ إذْ اللَّفْظُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْتَحِنَ النَّاسَ بِلَفْظٍ مُجْمَلٍ ابْتَدَعَهُ هُوَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِمَعْنَاهُ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُمْ طَلَبُوا اعْتِقَادَ نَفْيِ الْجِهَةِ وَالْحَيِّزِ عَنْ اللَّهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَمْرَ بِالِاعْتِقَادِ لِقَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ، إمَّا أَنْ يَكُونَ تَقْلِيدًا لِلْآمِرِ، أَوْ لِأَجْلِ الْحُجَّةِ وَالدَّلِيلِ، فَإِنْ كَانُوا أَمَرُوا بِأَنْ يَعْتَقِدَ هَذَا تَقْلِيدًا لَهُمْ وَلِمَنْ قَالَ ذَلِكَ فَهَذَا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ، وَهُمْ يُسَلِّمُونَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّقْلِيدُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِغَيْرِ الرَّسُولِ، لَا سِيَّمَا وَعِنْدَهُمْ هَذَا الْقَوْلُ لَمْ يُعْلَمْ بِأَدِلَّةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا عُلِمَ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ، وَالْعَقْلِيَّاتُ لَا يَجِبُ التَّقْلِيدُ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِهَذَا الِاعْتِقَادِ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، فَهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا حُجَّةً لَا مُجْمَلَةً وَلَا مُفَصَّلَةً وَلَا أَحَالُوا عَلَيْهَا، بَلْ هُمْ يَفِرُّونَ مِنْ الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُحَاجَّةِ بِخِطَابٍ أَوْ كِتَابٍ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَمْرَهُمْ لِهَذَا الِاعْتِقَادِ حَرَامٌ بَاطِلٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِ الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ، وَأَنَّهُ أَمْرٌ لِلنَّاسِ أَنْ يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ النَّاسَ تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي مَسَائِلِ أُصُولِ الدِّينِ، لِمَنْ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فِي الدِّينِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَّبِعِينَ فِيمَا يَقُولُونَهُ لِمَا ثَبَتَ عَنْ الْمُرْسَلِينَ، كَمَا يُقَلَّدُ مِثْلُ هَؤُلَاءِ فِي فُرُوعِ الدِّينِ. فَأَمَّا التَّقْلِيدُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَقُولُونَ أَنَّهَا عَقْلِيَّاتٌ، وَأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ بِالْعَقْلِ، يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى تَأْوِيلِ السَّمْعِ وَأَنَّهَا مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، فَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا جَوَّزَ التَّقْلِيدَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ النَّاسُ فِيهَا قِسْمَانِ مِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُهَا عَلَى أَصْحَابِهَا وَيُبَيِّنُ أَنَّهَا جَهْلِيَّاتٌ لَا عَقْلِيَّاتٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بَلْ مَنْ نَظَرَ فِي أَدِلَّتِهَا الْعَقْلِيَّةِ عَلِمَ صِحَّتِهَا. فَإِمَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: إنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الَّتِي تَنَازَعَتْ فِيهَا الْأُمَّةُ وَادَّعَى كُلُّ فَرِيقٍ أَنَّ الْحَقَّ مَعَهُمْ إنِّي أُقَلِّدُ مَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ قَوْلَهُ مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ صِحَّةَ مَا يَقُولُهُ بِالْعَقْلِ فَهَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ، فَإِنَّ الْعَقْلَ لَا يُرَجِّحُ فِي مَوَارِدِ النِّزَاعِ قَوْلًا عَلَى قَوْلٍ وَقَائِلًا عَلَى قَائِلٍ إلَّا بِمُوجِبٍ.
أَمَّا مُجَرَّدُ التَّقْلِيدِ لِأَحَدِ الْقَائِلِينَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، فَلَا يُسَوَّغُ فِي عَقْلٍ وَلَا دِينٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُسَوِّغُوا لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْقَوْلَ حَتَّى يَعْلَمَهُ بِأَدِلَّتِهِ الْعَقْلِيَّةِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست