responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 282
قَصَدَ أَنْ يُزِيلَ الْمَبِيعَ عَنْ مِلْكِهِ بِإِعْتَاقٍ أَوْ إحْرَاقٍ أَوْ إغْرَاقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَانَ مُبَاحًا مِثْلَ إيقَادِ الشَّمْعِ وَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ لِيُخَفِّفَ السَّفِينَةَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا قَصَدَ بِالْعَقْدِ الِانْتِفَاعَ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْمَالِ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَالْأَعْيَانُ إنَّمَا يُنْتَفَعُ بِذَوَاتِهَا إذَا أُتْلِفَتْ، وَلِهَذَا يَصِحُّ أَنْ يَبْذُلَ الْمَالَ لَيَحْصُلَ لَهُ الْمِلْكُ لِيُتْلِفَهُ هَذَا الْإِتْلَافَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْذُلَ الصَّدَاقَ لِيَعْقِدَ الْبَيْعَ لِيَفْسَخَ، فَإِنَّ هَذَا يَبْذُلُ الْعِوَضَ لِبَقَاءِ الْأَمْرِ عَلَى مَا كَانَ، وَهَذَا حَاصِلٌ بِدُونِ الْعِوَضِ وَلَمْ يَبْذُلْهُ لِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْمِلْكِ وَفَوَائِدِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَالْعَقْدُ إنَّمَا يُقْصَدُ لِأَجْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ غَرَضٌ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ غَرَضٌ أَصْلًا فَلَمْ يَكُنْ عَقْدًا.
وَإِنَّمَا هُوَ صُورَةُ عَقْدٍ لَا حَقِيقَةٌ. وَإِيضَاحُ هَذَا أَنَّ نِيَّةَ الطَّلَاقِ هُوَ قَصْدُ رَدِّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَى مَالِكِهِ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْفُسُوخِ. وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الَّذِي يُنَافِي قَصْدَ الْعَقْدِ، أَمَّا قَصْدَ إخْرَاجِهِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي النِّكَاحِ وَهُوَ فِي الْبَيْعِ لَا يُنَافِي الْعَقْدَ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْوَجْهِ الثَّانِي فَنَقُولُ: قَوْلُهُ الْقَصْدُ لَا يَقْدَحُ فِي اقْتِضَاءِ السَّبَبِ حُكْمُهُ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ، فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُجَرَّدَ اللَّفْظِ سَبَبٌ وَلَا نَعْلَمُ أَنَّ الْقَصْدَ لَا يَقْدَحُ فِيهِ، وَإِنَّمَا السَّبَبُ لَفْظٌ قَصَدَهُ الْمُتَكَلِّمُ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَقْصِدُ بِهِ مَا يُنَافِي حُكْمَهُ، أَوْ لَفْظٌ قَصَدَ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ مَعْنَاهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَقَدْ قَدَّمْت فِي الْوَجْهِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ إبْطَالِ الْحِيَلِ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ فِي الْعُقُودِ، وَبَيَّنَّا أَنَّ قَصْدَ مَا يُنَافِي مُوجَبَ الْعَقْدِ فِي الشَّرْعِ يَمْنَعُ حِلَّهُ وَصِحَّتَهُ، فَإِنَّ عَدَمَ قَصْدِ الْعَقْدِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ عُذِرَ الْإِنْسَانُ فِيهِ، فَلَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْهَزْلِ وَاللَّعِبِ فِيمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْهَزْلُ وَاللَّعِبُ لَمْ يَلْتَفِتْ الشَّرْعُ إلَى هَزْلِهِ وَلَعِبِهِ، وَأَفْسَدَ هَذَا الْوَصْفَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ وَأَلْزَمَهُ الْحُكْمَ عُقُوبَةً لَهُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ مَا يُنَافِي الْعَقْدَ وَإِنَّمَا تَرَكَ قَصْدَ الْعَقْدِ فِي كَلَامٍ لَا يَصْلُحُ تَجْرِيدُهُ عَنْ حُكْمِهِ، وَبَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُحْتَالِ مِثْلَ الْمُحَلِّلِ وَنَحْوِهِ، وَبَيْنَ الْهَازِلِ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذَا لَوْ لَفَظَ بِمَا نَوَاهُ بَطَلَ تَصَرُّفُهُ، وَهَذَا لَوْ لَفَظَ بِهِ لَمْ يَبْطُلْ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذَا أَطْلَقَ اللَّفْظَ عَارِيًّا عَنْ نِيَّةٍ لِمُوجَبِهِ أَوْ بِخِلَافِ مُوجَبِهِمَا، وَهَذَا قَيَّدَ اللَّفْظَ بِنِيَّةٍ تُخَالِفُ مُوجَبَهُ، وَلِهَذَا سُمِّيَ الْأَوَّلُ لَاعِبًا وَهَازِلًا لِكَوْنِ اللَّفْظِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُطْلَقَ وَيَعْرَى عَنْ قَصْدِ مَعْنًى، حَتَّى يَصِيرَ كَالرَّجُلِ الْهَزِيلِ، بَلْ يُوعِي مَعْنًى يَصِيرُ بِهِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست