responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 281
أَنَّهُ مُقْرِضٌ مُنْفِقٌ وَمِنْ نِيَّتِهِ الِارْتِجَاعُ، فَهَلْ يَسْتَحْسِنُ مُؤْمِنٌ هَذَا أَنْ يَدْخُلَ هَذَا فِي اسْمِ الْمُقْرِضِ الْمُنْفِقِ، وَكَذَلِكَ لَمَّا قَالَ {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] فَلَوْ آتَاهَا الْفَقِيرَ قَدْ وَاطَأَهُ عَلَى أَنْ يُعِيدَهَا إلَيْهِ فَهَلْ يَكُونُ هَذَا مُؤْتِيًا لِلزَّكَاةِ، وَبِالْجُمْلَةِ كُلُّ عَقْدٍ أَمْكَنَهُ رَفْعٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَكَالَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَظْهَرَ عَقْدَهُ وَمَقْصُودُهُ رَفْعُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ غَرَضُهُ الْعَقْدَ وَلَا شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِهِ، وَإِنَّمَا غَرَضُهُ رَفْعُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَهَذَا يُشْبِهُ التَّحْلِيلَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْفَسْخُ إلَّا بِرِضَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَتَوَاطُؤُهُمَا عَلَى التَّفَاسُخِ قَبْلَ التَّعَاقُدِ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ هَذَا الْقَصْدَ وَالْمُوَاطَأَةَ تَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ مُقْتَضَاهُ وَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ نَقِيضَ مُقْتَضَاهُ، وَإِذَا قَصَدَ الْمُتَكَلِّمُ إنْشَاءً أَوْ إخْبَارًا أَوْ أَمْرًا بِالْكَلَامِ نَقِيضَ مُوجَبِهِ وَمُقْتَضَاهُ، كَانَ الْكَلَامُ نَافِيًا لِذَلِكَ الْمَعْنَى وَذَلِكَ الْقَصْدِ وَمُضَادًّا لَهُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ.
وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا: أَنَّ الطَّلَاقَ وَفَسْخَ الْعُقُودِ هُوَ تَصَرُّفُ نَفْسِ الْمِلْكِ، وَمُوجَبُ الْعَقْدِ بِرَفْعِهِ وَإِزَالَتِهِ لَيْسَ هُوَ تَصَرُّفًا فِي الْمَمْلُوكِ بِالْعَقْدِ بِإِتْلَافِهِ وَإِهْلَاكِهِ، بِخِلَافِ أَكْلِ الطَّعَامِ وَإِعْتَاقِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى وَإِحْرَاقِهِ وَإِغْرَاقِهِ فَإِنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الشَّيْءِ الْمَمْلُوكِ لَا بِإِتْلَافٍ، وَفَرْقٌ بَيْنَ إزَالَةِ الْمِلْكِ مَعَ بَقَاءِ مَحَلِّ الْمِلْكِ وَمَوْرِدِهِ الَّذِي كَانَ مَمْلُوكًا، وَبَيْنَ إتْلَافِ نَفْسِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ وَمَوْرِدِهِ، الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ الْمَمْلُوكُ قَدْ يُسَمَّى مِلْكًا تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُولِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ، فَأَيْنَ إتْلَافُ نَفْسِ التَّصَرُّفِ بِفَسْخِ الْعَقْدِ إلَى إتْلَافِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، فَتَدَبَّرْ هَذَا فَإِنَّ بِهِ يَظْهَرُ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ قَالَ النِّيَّةُ لَا تُغَيِّرُ مُوجَبَ السَّبَبِ، وَكَيْفَ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ وَهِيَ مُنَافِيَةٌ لِمُوجَبِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ الْمُؤَيِّدِ لِلِانْتِفَاعِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَمُقْتَضَاهَا رَفْعُ هَذَا الْمُقْتَضَى لِيَتَبَيَّنَ لَك الْفَرْقُ بَيْنَ النِّيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالسَّبَبِ وَالنِّيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَحِلِّ السَّبَبِ، وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ بِالْبَيْعِ إتْلَافَ الْمَبِيعِ، فَإِنَّ هَذَا نِيَّةٌ لِإِتْلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا نِيَّةٌ لِرَفْعِ الْعَقْدِ.
وَمِثْلُ هَذِهِ النِّيَّةِ لَا تَتَأَتَّى فِي النِّكَاحِ، فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يُمْكِنُهُ إتْلَافُ الْبُضْعِ وَلَا الْمُعَارَضَةُ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُهُ فِي الْجُمْلَةِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ إلَّا بِنَفْسِهِ، فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا إجَارَةٍ وَلَا إعَارَةٍ وَلَا نِكَاحٍ وَلَا إتْلَافٍ، وَإِذَا أَرَادَ إخْرَاجَهُ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ مَشْرُوعٌ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ بِإِبْطَالِ النِّكَاحِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَلِإِخْرَاجِ الْمَبِيعِ عَنْ نَفْسِهِ طُرُقٌ، فَإِذَا

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 281
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست