responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 219
فِي هَذِهِ الْحَالِ لَازِمٌ مِنْ اتِّبَاعِهِ؛ وَهُوَ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَذَا اللَّازِمِ؛ لَكِنَّهُ لَازِمٌ مِنْ الْمَأْمُورِ بِهِ وَيَعُودُ الْأَمْرُ إلَى مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ، هَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ أَمْرًا شَرْعِيًّا أَوْ عَقْلِيًّا؛ وَيَعُودُ أَيْضًا إلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِن وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ فِي الْوَاجِبِ إذَا تَعَيَّنَ وَأَمَّا مَا وَجَبَ مُطْلَقًا، وَيُنَادِي بِأَعْيَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَوْ أُبِيحَ فَالْقَوْلُ فِي إبَاحَتِهِ كَالْقَوْلِ فِي إيجَابِ هَذَا سَوَاءٌ وَفِي خِلَافِهِمَا يَدْخُلُ الْعَفْوُ، فَيُقَالُ هَذَا الَّذِي اعْتَقَدَ أَنَّهُ فَعَلَ الْوَاجِبَ أَوْ الْمُبَاحَ كِلَاهُمَا يُعْفَى عَنْهُ، وَلَيْسَ هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَاعِلًا لِوَاجِبٍ وَلَا لِمُبَاحٍ وَإِنَّمَا يَتَلَخَّصُ هَذَا الْأَصْلُ الَّذِي اضْطَرَبَ فِيهِ النَّاسُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَاضْطِرَابُهُمْ فِيهِ تَارَةً يَعُودُ إلَى إطْلَاقٍ لَفْظِيٍّ وَتَارَةً إلَى مُلَاحَظَةٍ عَقْلِيَّةٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ. وَتَارَةً يَعُودُ إلَى أَمْرٍ حَقِيقِيٍّ وَإِلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِأَنْ نَتَكَلَّمَ عَلَى مَقَامَاتِهِ مَقَامًا مَقَامًا كَلَامًا مُلَخَّصًا.

وَالْمَقَامُ الْأَوَّلُ: هَلْ لِلَّهِ فِي كُلِّ حَادِثَةٍ تَنْزِلُ حُكْمٌ مُعَيَّنٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِمَنْزِلَةِ مَا لِلَّهِ قِبْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ هِيَ الْكَعْبَةُ، وَهِيَ مَطْلُوبُ الْمُجْتَهِدِينَ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ. فَاَلَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: أَنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ حَادِثَةٍ حُكْمًا مُعَيَّنًا إمَّا الْوُجُوبُ أَوْ التَّحْرِيمُ أَوْ الْإِبَاحَةُ مَثَلًا. أَوْ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ فِيمَا قَدْ سَمَّيْنَاهُ عَفْوًا؛ لَكِنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ يُسَمُّونَ هَذَا الْأَشْبَهَ وَلَا يُسَمُّونَهُ حُكْمًا، وَهُمْ يَقُولُونَ: مَا حَكَمَ اللَّهُ بِهِ، لَكِنْ لَوْ حَكَمَ لَمَا حَكَمَ إلَّا بِهِ. فَهُوَ عِنْدَهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حُكْمٌ بِالْقُوَّةِ، وَحَدَثَ بَعْدَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ زَعَمُوا أَنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ حَقٌّ مُعَيَّنٌ هُوَ مَطْلُوبُ الْمُسْتَدِلِّينَ إلَّا فِيمَا فِيهِ دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ يَتَمَكَّنُ الْمُجْتَهِدُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، فَأَمَّا مَا فِيهِ دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ، لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ أَوْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أَدِلَّةٌ ظَنِّيَّةٌ، فَحُكْمُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مُجْتَهِدٍ مَا ظَنَّهُ وَتَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى الظَّنِّ كَتَرَتُّبِ اللَّذَّةِ عَلَى الشَّهْوَةِ، فَكَمَا أَنَّ كُلَّ عَبْدٍ يَلْتَذُّ بِدَرْكِ مَا نَشْتَهِيهِ، وَتَخْتَلِفُ اللَّذَّاتُ بِاخْتِلَافِ الشَّهَوَاتِ، كَذَلِكَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ حُكْمُهُ مَا ظَنَّهُ وَتَخْتَلِفُ الْأَحْكَامُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِاخْتِلَافِ الظُّنُونِ، وَزَعَمُوا أَنْ لَيْسَ عَلَى الظُّنُونِ أَدِلَّةٌ كَأَدِلَّةِ الْعُلُومِ، وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ أَحْوَالُ النَّاسِ وَعَادَاتُهُمْ وَطِبَاعُهُمْ، وَهَذَا قَوْلٌ خَبِيثٌ يَكَادُ فَسَادُهُ يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ عَقْلًا وَشَرْعًا، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَلَا تُنْزِلُهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَإِنَّك لَا تَدْرِي مَا حُكْمُ اللَّهِ فِيهِمْ» ، وَقَوْلُهُ لِسَعْدٍ «لَقَدْ حَكَمْت فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست