responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 214
لَيْسَ بِمَأْمُورٍ لِانْتِفَاءِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ، فَقَدْ أَصَبْت الْغَرَضَ، وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ مَنْ اعْتَقَدَ الْحَاكِمُ عَدْلَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِلْمُدَّعِي إذَا جَاءَهُ بِذَوَي عَدْلٍ، ثُمَّ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى تَأْدِيَةِ هَذَا الْوَاجِبِ إلَّا بِاعْتِقَادِهِ فِيهِمَا الْعَدْلَ. فَتَعَيُّنِ هَذَا الِاعْتِقَادِ الْمُخْطِئِ فِي الْبَاطِنِ، كَتَعَيُّنِ ذَلِكَ الْمَاءِ النَّجَسِ فِي الْبَاطِنِ إذْ الِاعْتِقَادُ هُوَ الَّذِي يُمَكِّنُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْعَدْلِ، كَمَا أَنَّ الْمُعَيَّنَ هُوَ الَّذِي يُمَكِّنُ مِنْ وُجُودِ الْمُطْلَقِ، وَقَدْ تَتَعَدَّدُ الِاعْتِقَادَاتُ كَمَا تَتَعَيَّنُ الْأَعْيَانُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا اعْتِقَادُ الْعَدْلِ فِيهِمَا فَالشَّارِعُ مَا أَمَرَهُ فِي الْحَقِيقَةِ بِاسْتِعْمَالِ هَذَا الِاعْتِقَادِ الْمُخْطِئِ قَطُّ وَلَا أَمَرَ بِاعْتِقَادِ عَدْلِ هَذَا الشَّخْصِ وَلَا عَدْلِ غَيْرِهِ أَمْرًا مَقْصُودًا قَطُّ، وَلَكِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْ الْحُكْمِ بِذَوَي عَدْلٍ لَا يَتَأَدَّى إلَّا بِاعْتِقَادٍ، فَصَارَ وُجُوبُ اتِّبَاعِ الِاعْتِقَادِ كَوُجُوبِ إعْتَاقِ مُعَيَّنٍ مَا.
ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا اعْتِقَادُ عَدْلِ هَذَا الشَّاهِدِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا هَذَا الْمَاءُ وَهَذِهِ الرَّقَبَةُ ثُمَّ خَطَّأَهُ فِي هَذَا الِاعْتِقَادِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي بِهِ يُؤَدِّي الْوَاجِبَ عَيْبٌ فِي هَذَا الْمُعَيَّنِ كَالْعَيْبِ فِي الْمَاءِ وَالرَّقَبَةِ. فَالتَّحْقِيقُ هُوَ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ مَأْمُورًا أَنْ يَحْكُمَ بِهَذَا الِاعْتِقَادِ فِي الْحَقِيقَةِ الْبَاطِنَةِ وَلَا هُوَ مَأْمُورٌ بِشَيْءٍ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ الْمُعَيَّنَةِ أَمْرًا مَقْصُودًا. نَعَمْ هُوَ مَأْمُورٌ أَمْرًا لُزُومِيًّا بِاعْتِقَادِ عَدْلِ مَنْ ظَهَرَ عَدْلُهُ، وَمَأْمُورٌ ظَاهِرًا أَمْرًا مَقْصُودًا بِالْحُكْمِ بِمَنْ اعْتَقَدَ عَدْلَهُ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ يُقَالُ فِي الْمُعَيَّنِ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهَذَا الِاعْتِقَادِ الْمُخْطِئِ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَتَّبِعَ مَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إلَى مَعْرِفَةِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ إلَّا بِمَا قَدْ نَصَبَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ، فَصَارَ وُجُوبُ اتِّبَاعِ الْأَدِلَّةِ عَلَى الْمُنَزَّلِ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَلِدَلَالَةِ اللَّفْظِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُنَزَّلِ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ. فَإِذَا كَانَ هَذَا الْمُخْبِرُ مُخْطِئًا أَوْ هَذِهِ الدَّلَالَةُ مُخَلَّفَةً فِي الْبَاطِنِ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِعَيْنِهَا فِي الْبَاطِنِ قَطُّ، وَإِنَّمَا هُوَ مَأْمُورٌ بِعَيْنِهَا فِي الظَّاهِرِ أَمْرًا لُزُومِيًّا مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ، وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ، هَلْ يُقَالُ لِلْمُخْطِئِ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِي الْحُكْمِ كَمَا هُوَ مُخْطِئٌ فِي الْبَاطِنِ، أَوْ يُقَالُ هُوَ مُصِيبٌ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَرَّجَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ رِوَايَةً بِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ فَهَذَا ضَعِيفٌ تَخْرِيجًا وَدَلِيلًا.
وَمَنْشَأُ تَرَدُّدِهِمْ أَنَّ وُجُوبَ اعْتِقَادِهِ لِمَا اقْتَضَاهُ اجْتِهَادُهُ هُوَ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 6  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست