responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 254
وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الَّذِي أَمَرَ بِذَلِكَ وَإِنْ سَمَّاهُ بِدْعَةً، فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ فِي اللُّغَةِ، إذْ كُلُّ أَمْرٍ فُعِلَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ مُتَقَدِّمٍ يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ بِدْعَةً، وَلَيْسَ مِمَّا تُسَمِّيهِ الشَّرِيعَةُ بِدْعَةً، وَيُنْهَى عَنْهُ، فَلَا يَدْخُلُ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ «إنَّ أَصْدَقَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» . فَإِنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» حَقٌّ، وَلَيْسَ فِيمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ بِدْعَةٌ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إلَيْنَا؟ فَقَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَعَلَيْكُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ» .
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَبَيَّنَ أَنَّ الْمُحْدَثَاتِ الَّتِي هِيَ الْبِدَعُ الَّتِي نَهَى عَنْهَا مَا خَالَفَ ذَلِكَ. فَالتَّرَاوِيحُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَوْ لَمْ تُعْلِمْ دَلَالَةُ نُصُوصِهِ وَأَفْعَالِهِ عَلَيْهَا، لَكَانَ أَدْنَى أَمْرِهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، فَلَا تَكُونُ مِنْ الْبِدَعِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي سَمَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدْعَةً، وَنَهَى عَنْهَا.
وَبِالْجُمْلَةِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ جِهَادٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهُ، بَلْ هُوَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَعَنْ الْبَذْلِ فِيهِ، وَالْخِلَافُ الَّذِي بَيْنَهُمْ فِي الْمُبَاحَاتِ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ هُنَا، لِأَنَّ اتِّخَاذَ الشَّيْءِ عِبَادَةً، وَاعْتِقَادَ كَوْنِهِ عِبَادَةً، وَعَمَلَهُ، لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ: لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِهِ، أَوْ مَنْهِيًّا عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِهِ - وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا فِي الشَّرِيعَةِ - كَانَ اعْتِقَادُ كَوْنِهِ عِبَادَةً، وَالرَّغْبَةُ فِيهِ لِأَجْلِ الْعِبَادَةِ، وَمَحَبَّتُهُ وَعَمَلُهُ مَشْرُوعًا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ يُحِبُّهُ وَلَا يَرْضَاهُ فَلَيْسَ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست