responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 253
وَسَائِرُ النَّاسِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ، وَهُوَ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ تَنْفِيذُهُ بِلَا رَيْبٍ.
ثُمَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَنَازَعُ فِيهَا هِيَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الصِّفَاتِ الْمُبَاحَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَالْغِنَى بِالْمَالِ. وَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَى الْأَعْمَالِ الدِّينِيَّةِ كَالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالصَّلَاةِ وَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَالْجِهَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ هُوَ الْأَصْلُ الثَّانِي. وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوقَفَ إلَّا عَلَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ وَأَحَبَّهُ مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ.
فَأَمَّا مَنْ ابْتَدَعَ عَمَلًا لَمْ يُشَرِّعْهُ اللَّهُ، وَجَعَلَهُ دِينًا فَهَذَا يُنْهَى عَنْ عَمَلِ هَذَا الْعَمَلِ، فَكَيْفَ يُشَرَّعُ لَهُ أَنْ يَقِفَ عَلَيْهِ الْأَمْوَالَ، بَلْ هَذَا مِنْ جِنْسِ الْوَقْفِ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عِبَادَاتٍ، وَذَلِكَ مِنْ الدِّينِ الْمُبَدَّلِ أَوْ الْمَنْسُوخِ. وَلِهَذَا جَعَلْنَا هَذَا أَحَدَ الْأَصْلَيْنِ فِي الْوَقْفِ.
وَذَلِكَ أَنَّ بَابَ الْعِبَادَاتِ وَالدِّيَانَاتِ وَالتَّقَرُّبَاتِ مُتَلَقَّاةٌ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا عِبَادَةً أَوْ قُرْبَةً إلَّا بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ. قَالَ تَعَالَى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] .
وَقَالَ تَعَالَى: {المص - كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ - اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 1 - 3] . وَنَظَائِرُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ كَثِيرٌ، يَأْمُرُ اللَّهُ فِيهِ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ وَاتِّبَاعِ كِتَابِهِ، وَيَنْهَى عَنْ اتِّبَاعِ مَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ.
وَالْبِدَعُ جَمِيعُهَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْبِدْعَةَ الشَّرْعِيَّةَ - أَيْ الْمَذْمُومَةَ فِي الشَّرْعِ - هِيَ مَا لَمْ يُشَرِّعْهُ اللَّهُ فِي الدِّينِ، أَيْ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَأَمَّا إنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ الشِّرْعَةِ لَا مِنْ الْبِدْعَةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ فُعِلَ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا عُرِفَ مِنْ أَمْرِهِ: كَإِخْرَاجِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بَعْدَ مَوْتِهِ، وَجَمْعِ الْمُصْحَفِ، وَجَمْعِ النَّاسِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست