responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 201
وَإِذَا جَمَعَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ وَعَشَّاهُمْ خُبْزًا أَوْ أُدْمًا مِنْ أَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ أَهْلَهُ، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ السَّلَفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ فِي الدَّلِيلِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْإِطْعَامِ لَمْ يُوجِبْ التَّمْلِيكَ، وَهَذَا إطْعَامٌ حَقِيقَةً، وَمَنْ أَوْجَبَ التَّمْلِيكَ احْتَجَّ بِحُجَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أَنَّ الطَّعَامَ الْوَاجِبَ مُقَدَّرٌ بِالشَّرْعِ، وَلَا يَعْلَمُ إذَا أَكَلُوا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْكُلُ قَدْرَ حَقِّهِ وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ بِالتَّمْلِيكِ يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ مَعَ الْإِطْعَامِ.
وَجَوَابُ الْأُولَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِالشَّرْعِ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِهِ. فَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَشْبَعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ غَدَّاهُ وَعَشَّاهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ حَقِّهِ وَأَكْثَرَ. وَأَمَّا التَّصَرُّفُ بِمَا شَاءَ، فَاَللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ إنَّمَا أَوْجَبَ الْإِطْعَامَ، وَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَأَوْجَبَ مَالًا مِنْ النَّقْدِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ.
وَالزَّكَاةُ إنَّمَا أَوْجَبَ فِيهَا التَّمْلِيكَ، لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا بِاللَّامِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] .
وَلِهَذَا حَيْثُ ذَكَرَ اللَّهُ التَّصَرُّفَ بِحَرْفِ الظَّرْفِ كَقَوْلِهِ: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] .
فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّمْلِيكُ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَ مِنْ الزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمْلِيكًا لِلْمُعْتِقِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا سِلَاحًا يُعِينُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ الْعُلَمَاءِ: الْإِطْعَامُ أَوْلَى مِنْ التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ الْمُمَلَّكَ قَدْ يَبِيعُ مَا أَعْطَيْته وَلَا يَأْكُلُهُ، بَلْ قَدْ يَكْنِزُهُ، فَإِذَا أَطْعَمَ الطَّعَامَ حَصَلَ مَقْصُودُ الشَّارِعِ قَطْعًا.
وَغَايَةُ مَا يُقَالُ أَنَّ التَّمْلِيكَ قَدْ يُسَمَّى إطْعَامًا كَمَا يُقَالُ أَطْعَمَ رَسُولُ اللَّهِ الْجَدَّةَ السُّدُسَ، وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا أَطْعَمَ اللَّهُ نَبِيًّا طُعْمَةً إلَّا كَانَتْ لِمَنْ يَلِي الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ» .

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست