responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 200
صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ كَلَامُهُ أَيْضًا كَمَا قَدْ بَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ تَقْدِيرَ ذَلِكَ بِالصَّاعِ كَالتَّمْرِ وَالشَّعِيرِ.
وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأُدْمِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يُطْعِمُ أَهْلَهُ، بِأُدْمٍ أَطْعَمَ الْمَسَاكِينَ بِأُدْمٍ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يُطْعِمُهُمْ بِلَا أُدْمٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُفَضِّلَ الْمَسَاكِينَ عَلَى أَهْلِهِ، بَلْ يُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ أَهْلَهُ.
وَعَلَى هَذَا فَمِنْ الْبِلَادِ مَنْ يَكُونُ أَوْسَطُ طَعَامِ أَهْلِهِ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ، كَمَا يُقَالُ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِذَا صَنَعَ خُبْزًا جَاءَ نَحْوَ رِطْلَيْنِ بِالْعِرَاقِيِّ، وَهُوَ بِالدِّمَشْقِيِّ خَمْسَةُ أَوَاقٍ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ أُوقِيَّةٍ، فَإِنْ جَعَلَ بَعْضَهُ أُدْمًا كَمَا جَاءَ عَنْ السَّلَفِ كَانَ الْخُبْزُ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوَاقٍ، وَهَذَا لَا يَكْفِي أَكْثَرَ أَهْلِ الْأَمْصَارِ.
فَلِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يُطْعِمُ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا: إمَّا مُدَّانِ أَوْ مُدٌّ وَنِصْفٌ عَلَى قَدْرِ طَعَامِهِمْ، فَيُطْعِمُ مِنْ الْخُبْزِ إمَّا نِصْفُ رِطْلٍ بِالدِّمَشْقِيِّ، وَإِمَّا ثُلُثَا رِطْلٍ، وَإِمَّا رِطْلٌ، وَإِمَّا أَكْثَرُ، إمَّا مَعَ الْأُدْمِ، وَإِمَّا بِدُونِ الْأُدْمِ عَلَى قَدْرِ عَادَتِهِمْ فِي الْأَكْلِ فِي وَقْتٍ.
فَإِنَّ عَادَةَ النَّاسِ تَخْتَلِفُ بِالرُّخْصِ، وَالْغَلَاءِ، وَالْيَسَارِ، وَالْإِعْسَارِ، وَتَخْتَلِفُ بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَإِذَا حُسِبَ مَا يُوجِبُهُ أَبُو حَنِيفَةَ خُبْزًا كَانَ رِطْلًا وَثُلُثًا بِالدِّمَشْقِيِّ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ نِصْفَ صَاعٍ عِنْدَهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ. وَأَمَّا مَا يُوجِبُهُ مِنْ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ فَيُوجِبُ صَاعًا ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ، وَذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يُوجِبُهُ الشَّافِعِيُّ سِتَّ مَرَّاتٍ، وَهُوَ بِقَدْرِ مَا يُوجِبُهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَتِهِمْ فَقَدْ يُجْزِئُ فِي بَلَدٍ مَا أَوْجَبَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَفِي بَلَدٍ مَا أَوْجَبَهُ أَحْمَدُ، وَفِي بَلَدٍ آخَرَ مَا بَيْنَ هَذَا وَهَذَا عَلَى حَسَبِ عَادَتِهِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89]

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 200
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست