responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 67
بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ، وَقَدْ جَاءَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ أَنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ يُؤْمَرُونَ وَيُنْهَوْنَ، فَمَنْ أَطَاعَ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَى دَخَلَ النَّارَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
وَالتَّكْلِيفُ إنَّمَا يَنْقَطِعُ بِدُخُولِ دَارِ الْجَزَاءِ وَهِيَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، وَأَمَّا عَرَصَاتُ الْقِيَامَةِ فَيُمْتَحَنُونَ فِيهَا كَمَا يُمْتَحَنُونَ فِي الْبَرْزَخِ، فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ: مَنْ رَبُّك؟ وَمَا دِينُك؟ وَمَنْ نَبِيُّك؟ وَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42] {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: 43] وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «يَتَجَلَّى اللَّهُ لِعِبَادِهِ فِي الْمَوْقِفِ، إذَا قِيلَ: لِيَتْبَعَ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَيَتْبَعُ الْمُشْرِكُونَ آلِهَتَهُمْ، وَتَبَقَّى الْمُؤْمِنُونَ فَيَتَجَلَّى لَهُمْ الرَّبُّ الْحَقُّ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْرِفُونَ فَيُنْكِرُونَهُ، ثُمَّ يَتَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ، فَيَسْجُدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ، وَتَبْقَى ظُهُورُ الْمُنَافِقِينَ كَقُرُونِ الْبَقَرِ، فَيُرِيدُونَ أَنْ يَسْجُدُوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ. وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] الْآيَةَ» وَالْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَالْمَقْصُودُ هَهُنَا أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا فِي الْآخِرَةِ إلَّا بِذَنْبِهِ، وَأَنَّهُ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَقَوْلِهِ: «إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» لَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّائِحَةَ لَا تُعَاقَبُ، بَلْ النَّائِحَةُ تُعَاقَبُ عَلَى النِّيَاحَةِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «أَنَّ النَّائِحَةَ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تَلْبَسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دِرْعًا مِنْ جَرَبٍ وَسِرْبَالًا مِنْ قَطِرَانٍ» فَلَا يُحْمَلُ عَمَلٌ يَنُوحُ وِزْرُهُ أَحَدٌ.

وَأَمَّا تَعْذِيبُ الْمَيِّتِ: فَهُوَ لَمْ يَقُلْ: إنَّ الْمَيِّتَ يُعَاقَبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. بَلْ قَالَ: " يُعَذَّبُ " وَالْعَذَابُ أَعَمُّ مِنْ الْعِقَابِ، فَإِنَّ الْعَذَابَ هُوَ الْأَلَمُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ تَأَلَّمَ بِسَبَبٍ كَانَ ذَلِكَ عِقَابًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ السَّبَبِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» فَسَمَّى السَّفَرَ عَذَابًا، وَلَيْسَ هُوَ عِقَابًا عَلَى ذَنْبٍ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست