responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 66
عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ لَا تُرَدُّ بِمِثْلِ هَذَا. وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَهَا مِثْلُ هَذَا نَظَائِرُ تَرُدُّ الْحَدِيثَ بِنَوْعٍ مِنْ التَّأْوِيلِ وَالِاجْتِهَادِ لِاعْتِقَادِهَا بُطْلَانَ مَعْنَاهُ، وَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا الْبَابَ وَجَدَ هَذَا الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ الصَّرِيحَ الَّذِي يَرْوِيهِ الثِّقَةُ لَا يَرُدُّهُ أَحَدٌ بِمِثْلِ هَذَا إلَّا كَانَ مُخْطِئًا.
وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - رَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَفْظَيْنِ - وَهِيَ الصَّادِقَةُ فِيمَا نَقَلَتْهُ - فَرَوَتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَهُ: «إنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» وَهَذَا مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ عُمَرَ، فَإِنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَزِيدَهُ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ، جَازَ أَنْ يُعَذَّبَ غَيْرُهُ ابْتِدَاءً بِبُكَاءِ أَهْلِهِ؛ وَلِهَذَا رَدَّ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَلَفِ الْحَدِيثِ هَذَا الْحَدِيثَ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى. وَقَالَ: الْأَشْبَهُ رِوَايَتُهَا الْأُخْرَى: «إنَّهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَيُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ» .
وَاَلَّذِينَ أَقَرُّوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مُقْتَضَاهُ، ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ عُقُوبَةِ الْإِنْسَانِ بِذَنْبِ غَيْرِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ. وَاعْتَقَدَ هَؤُلَاءِ أَنَّ اللَّهَ يُعَاقِبُ الْإِنْسَانَ بِذَنْبِ غَيْرِهِ، فَجَوَّزُوا أَنْ يُدْخِلُوا أَوْلَادَ الْكُفَّارِ النَّارَ بِذُنُوبِ آبَائِهِمْ.
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَهُ طَوَائِفُ مُنْتَسِبَةٌ إلَى السُّنَّةِ، فَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُدْخِلُ النَّارَ إلَّا مَنْ عَصَاهُ. كَمَا قَالَ: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 85] فَلَا بُدَّ أَنْ يَمْلَأَ جَهَنَّمَ مِنْ أَتْبَاعِ إبْلِيسَ، فَإِذَا امْتَلَأَتْ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِمْ فِيهَا مَوْضِعٌ، فَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْ إبْلِيسَ لَمْ يَدْخُلْ النَّارَ.
وَأَطْفَالُ الْكُفَّارِ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِيهِمْ: أَنْ يُقَالَ فِيهِمْ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ.
كَمَا قَدْ أَجَابَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. فَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: إنَّهُمْ كُلُّهُمْ فِي النَّارِ، وَاخْتَارَ ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى، وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ غَلَطٌ عَلَى أَحْمَدَ. وَطَائِفَةٌ جَزَمُوا أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَاخْتَارَ ذَلِكَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ، وَغَيْرُهُ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ فِيهِ رُؤْيَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا رَأَى إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ، وَعِنْدَهُ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ» .
وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ فِيهِمْ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ، وَلَا يُحْكَمُ لِمُعَيَّنٍ مِنْهُمْ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست