responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 439
بِدُعَائِهِمْ وَشَفَاعَتِهِمْ، وَأَمَّا نَفْسُ ذَوَاتِهِمْ فَلَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي حُصُولَ مَطْلُوبِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ الْجَاهُ الْعَظِيمُ وَالْمَنْزِلَةُ الْعَالِيَةُ بِسَبَبِ إكْرَامِ اللَّهِ لَهُمْ وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِمْ، وَفَضْلِهِ عَلَيْهِمْ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَقْتَضِي إجَابَةَ دُعَاءِ غَيْرِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِسَبَبٍ مِنْهُ إلَيْهِمْ كَالْإِيمَانِ بِهِمْ، وَالطَّاعَةِ لَهُمْ أَوْ بِسَبَبٍ مِنْهُمْ إلَيْهِ كَدُعَائِهِمْ لَهُ وَشَفَاعَتِهِمْ فِيهِ، فَهَذَانِ الشَّيْئَانِ يُتَوَسَّلُ بِهِمَا، وَأَمَّا الْإِقْسَامُ بِالْمَخْلُوقِ فَلَا، وَمَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ الْعَامَّةِ مِنْ قَوْلِهِ: «إذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِجَاهِي، فَإِنَّ جَاهِي عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ» حَدِيثٌ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ.

[فَصْلٌ تَعْظِيمُ مَكَان فِيهِ خَلُوقٌ وَزَعْفَرَانٌ]
فَصْلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ: هَلْ يَجُوزُ تَعْظِيمُ مَكَان فِيهِ خَلُوقٌ وَزَعْفَرَانٌ لِكَوْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُئِيَ عِنْدَهُ، فَيُقَالُ: بَلْ تَعْظِيمُ مِثْلِ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ وَاِتِّخَاذُهَا مَسَاجِدَ وَمَزَارَاتٍ لِأَجْلِ ذَلِكَ هُوَ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ نُهِينَا عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ فِيهَا.
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ فِي السَّفَرِ، فَرَأَى قَوْمًا يَبْتَدِرُونَ مَكَانًا فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: مَكَانٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ: وَإِذَا كَانَ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَتَّخِذُوا آثَارَ أَنْبِيَائِكُمْ مَسَاجِدَ؟ مَنْ أَدْرَكَتْهُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَإِلَّا فَلْيَمْضِ. وَهَذَا قَالَهُ عُمَرُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي فِي أَسْفَارِهِ فِي مَوَاضِعَ، وَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَرَوْنَهُ فِي الْمَنَامِ فِي مَوَاضِعَ، وَمَا اتَّخَذَ السَّلَفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَسْجِدًا وَلَا مَزَارًا، وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَصَارَ كَثِيرٌ مِنْ دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَكْثَرُهَا مَسَاجِدَ وَمَزَارَاتٍ، فَإِنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ يَرَوْنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ، وَقَدْ جَاءَ إلَى بُيُوتِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَاهُ مِرَارًا كَثِيرَةً، وَتَخْلِيقُ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ بِالزَّعْفَرَانِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، وَأَمَّا مَا يَزِيدُهُ الْكَذَّابُونَ عَلَى ذَلِكَ مِثْلَ: أَنْ يَرَى فِي الْمَكَانِ أَثَرَ قَدَمٍ فَيُقَالُ هَذَا قَدَمُهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّهُ كَذِبٌ، وَالْأَقْدَامُ الْحِجَارَةُ الَّتِي يَنْقُلُهَا مَنْ يَنْقُلُهَا وَيَقُولُ إنَّهَا مَوْضِعُ قَدَمِهِ، كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ، وَلَوْ كَانَتْ حَقًّا لَسَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّخِذُوا ذَلِكَ مَسْجِدًا أَوْ مَزَارًا، بَلْ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذُوا مَقَامَ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مُصَلًّى إلَّا مَقَامَ إبْرَاهِيمَ بِقَوْلِهِ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] .

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 439
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست