responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 438
يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيّنَا فَاسْقِنَا، فَيُسْقَوْنَ فَتَوَسَّلُوا بَعْدَ مَوْتِهِ بِالْعَبَّاسِ كَمَا كَانُوا يَتَوَسَّلُونَ بِهِ، وَهُوَ تَوَسُّلُهُمْ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ بَصَرِي. فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي لِيَقْضِيَهَا، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِي.
فَهَذَا طَلَبٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يَقْبَلَ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ لَهُ فِي تَوْجِيهِهِ بِنَبِيِّهِ إلَى اللَّهِ هُوَ كَتَوَسُّلِ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ بِهِ إلَى اللَّهِ، فَإِنَّ هَذَا التَّوَجُّهَ وَالتَّوَسُّلَ هُوَ تَوَجُّهٌ وَتَوَسُّلٌ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: أَسْأَلُكَ أَوْ أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِحَقِّ مَلَائِكَتِكَ، أَوْ بِحَقِّ أَنْبِيَائِكَ، أَوْ بِنَبِيِّكَ فُلَانٍ، أَوْ بِرَسُولِكَ فُلَانٍ، أَوْ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ، أَوْ بِزَمْزَمَ وَالْمَقَامِ، أَوْ بِالطُّورِ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الدُّعَاءِ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَصْحَابِهِ وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، بَلْ قَدْ نَصَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ كَأَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ، لَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِمَخْلُوقٍ وَلَا يَصِحُّ الْقَسَمُ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَإِنْ سَأَلَهُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ سَبَبٌ وَوَسِيلَةٌ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ، أَمَّا إذَا سَأَلَ اللَّهَ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَبِدُعَاءِ نَبِيِّهِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ، فَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ سَبَبٌ لِلْإِثَابَةِ وَالدُّعَاءُ سَبَبٌ لِلْإِجَابَةِ، فَسُؤَالُهُ بِذَلِكَ سُؤَالٌ بِمَا هُوَ سَبَبٌ لِنَيْلِ الْمَطْلُوبِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا يُرْوَى فِي دُعَاءِ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا.
وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْغَارِ الَّذِينَ دَعَوْا اللَّهَ بِأَعْمَالِهِمْ الصَّالِحَةِ، فَالتَّوَسُّلُ إلَى اللَّهِ بِالنَّبِيِّينَ هُوَ التَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِمْ وَبِطَاعَتِهِمْ كَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ وَمُوَالَاتِهِمْ أَوْ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 438
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست