نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى نویسنده : آل معمر، حمد بن ناصر جلد : 1 صفحه : 213
لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} إلى قوله: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
فبين سبحانه أن من أتخذ الملائكة والنبيين أرباباً كان كافراً فكيف بمن اتخذ من دونهم من المشائخ وغيرهم أرباباً: فلا يجوز أن يقول لملك ولا لنبي، ولا لشيخ سواء كان حيا أو ميتاً اغفر ذنبي، أو انصرني على عدوي أو اشف مريضي، أو ما أشبه ذلك، ومن سأل ذلك مخلوقاً كائناً من كان فهو مشرك بر به من جنس المشركين الذين يعبدون الملائكة والانبياء، والتماثيل التي يصورونها على صورهم، ومن جنس دعاء النصارى للمسيح وأمه، قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ} الآية وقال: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
وان قال ان اسأله لأنه أقرب إلى الله مني ليشفع لي لأني أتوسل إلى الله به كما يتوسل إلى السلطان بخواصه يستشفعون بهم في مطالبهم، ولذلك أخبر الله عن المشركين أنهم قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} وقد قال سبحانه {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ} إلى قوله: {تُرْجَعُونَ} وقال: {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} فبين الفرق بينه وبين خلقه فان من عادة الناس أن يستشفع إلى الكبير بمن يكرم عليه فيسأله ذلك الشافع فيقضي حاجته أما رغبة وإما رهبة وأما أحياء وأما غير ذلك فالله لا يشفع عنده أحد حتى يأذن هو للشافع فلا يفعل إلا ما يشاء، وشفاعة الشافع عن اذنه والأمر كله له فالرغبة يجب أن تكون إليه كما قال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} والرهبة تكون منه قال تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} وقال: {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} وقد أمرنا أن نصلى على النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء وجعل ذلك من أسباب أجابة دعائنا.
وقول كثير من الضلال: هذا أقرب إلى الله مني وأنا بعيد منه لا يمكن أن ندعوه الا بهذه الواسطة ونحو ذلك هو من قول المشركين فان الله تعالى يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} وقد روى أن الصحابة رضي الله عنهم قالوا يارسول الله ربنا قريب فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فنزلت الآية وقد أمر الله العباد كلهم بالصلاة له ومناجاته، وأمر كلا منهم أن يقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
ثم يقال لهذا المشرك أنت اذا دعوت هذا فان كنت تظن أنه أعلم بحالك، أويقدر على سؤالك وارحم بك من ربك فهذا جهل وضلال، وكفر، وان كنت تعلم ان الله أعلم وأقدر وأرحم فلماذا عدلت عن سؤال غيره، وان كنت تعلم أنه أقرب إلى الله منك وأعلى منزلة عند الله منك فهذا حق أريد به باطل، فانه اذا كان أقرب منك وأعلى درجة فان معناه أن يثيبه، ويعطيه ليس معناه أنك دعوته كان الله يقضى
نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى نویسنده : آل معمر، حمد بن ناصر جلد : 1 صفحه : 213