نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى نویسنده : آل معمر، حمد بن ناصر جلد : 1 صفحه : 200
{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح وأمه وعزيرا والملائكة فأنكر الله ذلك، وقال: هؤلاء عبيدي يرجون رحمتي كما ترجون رحمتي ويخافون عذابي كما تخافون عذابي، وهؤلاء الذين نزلت هذه الآية في انكار دعوتهم من أوليائه وأحبابه، وقد تقدم ان الدعاء وجميع أنواع العبادة حق الله المحض كما تقدم في الآيات.
والحاصل أن الله تعالى لم يأذن لأحد أن يتخذ شفيعاً من دونه يسأله، ويرغب اليه ويلتجىء اليه، وهذا هو العبادة، ومن صرف من ذلك شيئاً لغير الله فقد أشرك مع الله غيره كما دلت عليه الآيات المحكمات، وهذا ضد أفراد الله بالعبادة، وكيف يتصور أفراد الله بالعبادة؟ وقد جعل العبد ملاذا ومفزعاً سواه، فان هذا ينافي الافراد، فاين ذهب عقل هذا وفهمه؟ قال شيخ الاسلام رحمه الله: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الباطنة والظاهرة انتهى وقد تبين ان الدعاء مخ العبادة وهو مما يحبه الله وبأمر به عباده أن يخلصوه له، وقد تقدم من الآيات ما يدل على ضلال من فعل ذلك وكفره، وبهذا يحصل الجواب عن قول المعترض ان الشفاعة المنفية انما هي في حق الكفار فنقول فمن اتخذ معبوداً سوى الله يرجوه أو يخافه فقد كفر.
وتأمل قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ * إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} فبين تعالى أن المخلوق لا يصلح أن يدعي من دون الله، وأن من دعاه فقد أشرك مع الله غيره في الالهية، والقرآن من أوله إلى آخره يدل على ذلك، وكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الملحدين محجوبون عن فهم القرآن كما حجبوا عن الايمان بجهلهم وضلالهم واعراضهم عما أنزل الله في كتابه من بيان دينه الذي رضيه لنفسه ورضيه لعباده.
قال شيخ الاسلام أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى: وحقيقة التوحيد أن يعبد الله وحده لا يدعى الا هو ولا يخشى، ولا يتقي الاهو ولا يتوكل الا عليه، ولا يكون الدين الا له، وأن لا يتخذ الملائكة والنبيون أرباباً فكيف بالأئمة والشيوخ، فاذا جعل الامام والشيخ كأنه اله يدعى مع غيبته وموته، ويستغاث به ويطلب منه الحوائج كأنه مشبهاً بالله، فيخرجون عن حقيقة التوحيد الذي أصله شهادة أن لا اله الا الله، وأن محمداً رسول الله انتهى.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" فلو جاز أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قصر سؤاله واستعانته على الله وحده، وابن عباس أحق الناس بأن يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيه له منفعة، فلو جاز صرف ذلك لغير الله لقال: واسألني واستعن بي؟ بل أتى صلى الله عليه وسلم بمقام الارشاد، والابلاغ والنصح لأبن عمه
نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى نویسنده : آل معمر، حمد بن ناصر جلد : 1 صفحه : 200