responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 194
مُتَعَلَّقِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَكَلَامُ الْأُصُولِيِّينَ يَأْبَاهُ.

قُلْتُ: الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ يُطْلَقُ عَلَى أُمُورٍ: (أَحَدُهَا) الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِمَا شَرْطُهُ الْفَهْمُ فَلَا تَعَلُّقَ لَهُمَا بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلَا بِالْمُمَيِّزِ إذْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُمَا الْإِيجَابَ وَالتَّحْرِيمَ إلَّا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي حَرَّرْنَاهُ آنِفًا وَأَمَّا الْأَمْرُ بِمَعْنًى فَالْمَجَازُ تَعَلُّقُهُ بِالْمُمَيِّزِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ.
(الثَّانِي) : خِطَابُ الْوَضْعِ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ فَمَتَى أَتْلَفَ الصَّبِيُّ شَيْئًا ضَمِنَهُ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْإِتْلَافَ سَبَبًا فِي الضَّمَانِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ.
(الثَّالِثُ) : التَّرْتِيبُ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ أَيْضًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ عَلَى الصَّبِيِّ، وَالْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ: يَلْزَمُ مِنْ الثُّبُوتِ فِي الذِّمَّةِ الْخِطَابُ، وَهَذَا هُوَ ثَمَرَةُ الْبَحْثِ الْمُعْتَبَرِ فِي ذِمَّتِهِ الدَّيْنُ وَلَا يُخَاطَبُ بِهِ، وَالزَّكَاةُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمْكِينِ وَاجِبَةٌ وَلَا خِطَابَ. وَقَوْلُهُمْ يَلْزَمُ مِنْ التَّرَتُّبِ فِي الذِّمَّةِ الْخِطَابُ مَمْنُوعٌ وَالْوَلِيُّ يَشْتَرِي لِلصَّبِيِّ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَيَسْتَقْرِضُ لَهُ وَيَسْتَأْجِرُ لَهُ بِأُجْرَةٍ فِي ذِمَّتِهِ وَيُزَوِّجُهُ بِصَدَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَيَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّتِهِ بِالْإِتْلَافِ بَدَلُ التَّالِفِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ. فَإِنْ قَالُوا بِالْخِطَابِ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ فَلْيَقُولُوا بِهِ هُنَا وَلَا مَحْذُورَ فِي إطْلَاقِهِ بِتَأْوِيلٍ. فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ رُتْبَةٌ فِي تَقْسِيمِ الْخِطَابِ الْمُتَعَلَّقِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ لِنُثْبِتَهَا فِي الصَّبِيِّ وَصَلَاتِهِ، وَهَلْ يَنْوِي الْفَرْضَ أَوْ النَّفَلَ أَوْ كَيْفَ حَالُهُ؟ قُلْتُ: لَا رُتْبَةَ لَهُمَا وَالْأَمْرُ فِي حَقِّهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَلَا يَنْوِي إلَّا الْفَرْضَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقَعُ فِعْلُهُ فَرْضًا وَيُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْفَرْضِ. وَهَذَا قَدْ يَسْتَنْكِرُهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَيَقُولُ: كَيْفَ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْفَرْضِ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ وَأَبْعَدُ مَنْ قَالَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ إنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِهِ لِلتَّمْرِينِ.
فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ تَقُولُونَ إنَّ الصَّبِيَّ دَاخِلٌ فِي قَوْله تَعَالَى {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: 72] ؟ قُلْتُ: نَعَمْ هَذَا هُوَ الْحَقُّ عِنْدِي لِأَنَّ الْخِطَابَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ لِجَمِيعِ النَّاسِ وَهُوَ مِنْ النَّاسِ فَإِذَا كَانَ مُمَيِّزًا وَقَدْ فَهِمَ وَسَمِعَ أَمْرَ اللَّهِ فَلَا مَانِعَ مِنْ دُخُولِهِ وَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَبِيٍّ يَا بُنَيَّ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِك وَكُلْ مِمَّا يَلِيك» وَعِنْدَ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ ذَلِكَ فِي أَمْرِ التَّأْدِيبِ لَا يُصِبْهَا وَقَدْ فُتِلَ بِأُذُنَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَدَارَهُ مِنْ شِمَالِهِ إلَى يَمِينِهِ وَذَلِكَ أَمْرٌ بِمَوْقِفِ الْوَاحِدِ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَأَثْبَتَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ حُكْمًا شَرْعِيًّا. فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا حَالُ الْمُمَيِّزِ فَمَا حَالُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ؟ قُلْتُ: وَضْعُ الْخِطَابِ يَقْتَضِي دُخُولَهُ لَكِنَّهُ خَرَجَ بِالدَّلِيلِ سِرَاءُ طَلَلِهِمْ فَخَرَجَ مِنْ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ لَا مِنْ الْخِطَابِ وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الْخِطَابَ شَامِلٌ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست