responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 193
عِنْدِي الْقَطْعُ بِبُطْلَانِ كَوْنِهَا نَفَقَةً مَحْضَةً وَلَيْسَ جَازِمًا بِأَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُهُ وَإِنَّمَا بَحَثُوا مَعَ الْحَنَفِيَّةِ فِي كَوْنِهَا عِبَادَةً مَحْضَةً كَالصَّلَاةِ أَوْ مُرَكَّبَةً مِنْ الْعِبَادَةِ وَالْمُوَاسَاةِ وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَا يَقْتَضِي الْوَجْهَ الثَّالِثَ وَتَمْكِينَ تَقْرِيرِهِ.
فَإِنْ قُلْتَ: يَتَقَرَّرُ مَعَ مَا ذَكَرْت. قُلْتُ: بِتَحْقِيقِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَذَلِكَ إنَّمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَنْقَسِمُ مِنْهُ مَا يَكُونُ سَبَبُهُ جِنَايَةً فَيُسَمَّى عُقُوبَةً وَمِنْهُ مَا يَكُونُ سَبَبُهُ إتْلَافًا وَيُسَمَّى ضَمَانًا وَمِنْهُ مَا يَكُونُ سَبَبُهُ الْتِزَامًا فَيُسَمَّى ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً أَوْ مَهْرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمِنْهُ مَا لَا سَبِيلَ لَهُ إلَّا كَوْنُ الْمَأْمُورِ بِهِ عَبْدًا مِلْكًا لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ قُرْبَةٌ فَيُسَمَّى عِبَادَةً أَوْ أَدَاءً لِلدُّيُونِ، وَالْعَوَارِيّ وَالْوَدَائِعُ وَاجِبَةٌ بِالِالْتِزَامِ وَنَفَقَاتُ الزَّوْجَاتِ كَذَلِكَ وَنَفَقَاتُ الْأَقَارِبِ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّوَاصُلِ وَالْعِبَادَةِ الْمَحْضَةِ لَيْسَتْ إلَّا لِلَّهِ وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِالْجَمِيعِ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَقَدْ رَأَيْت أَنَّ أَخْذَ الْعِبَادَةِ بِالْوَاجِبِ لِحَقِّ اللَّهِ فَقَطْ بِلَا سَبَبٍ وَاحْتُرِزَ بِلَا سَبَبٍ عَنْ الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ إنْ كَانَ لِأَجْلِ الْآدَمِيِّ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ فَلَيْسَتْ عِبَادَةً لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا بَيْنَ الْوَصْلَةِ وَالْإِحْسَانِ الْمُفْضِي لِلْمُكَافَأَةِ.
فَهَذَا خَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ وَإِذَا خَرَجَ هَذَا مِنْ الْعِبَادَةِ فَغَيْرُهُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَالصَّلَاةُ عِبَادَةٌ بِلَا شَكٍّ لِتَحَقُّقِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ بِلَا شُبْهَةٍ وَالزَّكَاةُ أَشْبَهَتْ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ وَصِلَةَ الرَّحِمِ وَإِقْرَانَهَا بِالصَّلَاةِ وَبِنَاءُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمَا قَدْ يَكُونُ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا رَأْسُ الْعِبَادَاتِ الدِّينِيَّةِ وَالْأُخْرَى رَأْسُ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ الْمُعَدَّى نَفْعُهَا فَلَمْ يُطْلِقْ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَيْهَا عِبَادَةً لِذَلِكَ وَكَأَنَّهَا لِلْوَصْلَةِ الَّتِي بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَأُخُوَّةِ الدِّينِ وَهِيَ قَرَابَةٌ عَامَّةٌ فَإِيجَابُ اللَّهِ تَعَالَى لِحَقِّهِمْ فَهِيَ حَقٌّ آدَمِيٌّ وَيَكُونُ قَدْ جَمَعَ بِقَوْلِهِ {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] حَقَّهُ وَحَقَّ الْآدَمِيِّ وَأَسْبَابَهُمَا إلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْجِنْسَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْإِسْلَامُ كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْعِبَادِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى ثَلَاثٍ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ» . وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى مَا قُلْنَاهُ وَالْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِرُجُوعِ الصِّيَامِ وَالْحَجِّ إلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ دَخَلَهُمَا الْمَالُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَوْ لِرُجُوعِهِمَا إلَيْهِمَا مَعًا وَقَصَدْنَا بِهَذَا أَنْ لَا يُسْتَنْكَرَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الزَّكَاةَ لَيْسَتْ بِعِبَادَةٍ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا عَظِيمًا وَرُكْنَ الْإِسْلَامِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ الشَّائِبَتَيْنِ وَالْمُرَكَّبَةُ مِنْ شَائِبَتَيْنِ إذَا أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عُمِلَ بِهِ فَفِي الْبَالِغِ يُوجَدَانِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ بِالْإِجْمَاعِ عِبَادَةً وَمُوَاسَاةً إمَّا بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِلَّةٌ وَإِمَّا بِأَنَّ الْعِلَّةَ الْأُولَى وَحْدَهَا وَالثَّانِيَةَ وَحْدَهَا أَوْ مَجْمُوعُهُمَا، وَفِي الصَّبِيِّ مَنْ رَأَى أَنَّ الْعِلَّةَ الْمُوَاسَاةُ فَقَطْ اكْتَفَى بِهَا وَمَنْ رَأَى الْعِلَّةَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِعِلَّتَيْنِ اكْتَفَى بِهَا أَيْضًا وَمِنْ

نام کتاب : فتاوى السبكي نویسنده : السبكي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست