responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 203
كَانَت بَينه وَبَين أبي الْفضل القلعي فَنزل فِي جوارنا فَحَمَلَنِي إِلَيْهِ معلمي وَقَالَ أَسأَلك أَن تحدث هَذَا الصَّبِي بِمَا سمعته من مشايخك قَالَ مَالِي سَماع قَالَ كَيفَ وَأَنت فَقِيه فَمَا هَذَا قَالَ لِأَنِّي لما بلغت مبلغ الرِّجَال اشتاقت نَفسِي إِلَى معرفَة الحَدِيث وَرِوَايَة الْأَخْبَار وسماعها فقصدت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَسَأَلته الإقبال على ذَلِك فَقَالَ يَا بني لَا تدخل على أَمر حَتَّى تعرف حُدُوده وَالْوُقُوف على مِقْدَاره فَقلت لَهُ عرفني يَرْحَمك الله حُدُود مَا تصديت لَهُ وَمِقْدَار مَا سلكت إِلَيْهِ وَسَأَلْتُك عَنهُ فَقَالَ لي أعلم أَن الرجل لَا يصير مُحدثا كَامِلا فِي الحَدِيث إِلَّا أَن يكْتب أَرْبعا مَعَ أَربع كأربع مثل أَربع فِي أَربع عِنْد أَربع بِأَرْبَع على أَربع عَن أَربع لأَرْبَع وكل هَذِه الرباعيات لَا تتمّ إِلَّا بِأَرْبَع مَعَ أَربع فَإِذا تمت لَهُ هان عَلَيْهِ أَربع وابتلى بِأَرْبَع فَإِذا صَبر على ذَلِك أكْرمه الله بِأَرْبَع وأثابه فِي الْآخِرَة بِأَرْبَع فَقلت لَهُ فسر لي مَا ذكر من أَحْوَال هَذِه الرباعيات من قلب صَاف منشرح كَاف وَبَيَان شاف طَالبا لأجر واف فَقَالَ نعم أما الْأَرْبَع الَّتِي يحْتَاج إِلَى كتبهَا فأخبار النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وشرائعه وَالصَّحَابَة ومقاديرهم وَالتَّابِعِينَ وأحوالهم وَسَائِر الْعلمَاء وتواريخهم مَعَ أَسمَاء رِجَالهمْ وَكُنَاهُمْ وأمكنتهم وأزمنتهم كالتحميد مَعَ الْخطب وَالدُّعَاء مَعَ الرسائل والبسملة مَعَ السُّور والتكبيرات مَعَ الصَّلَوَات مثل المسندات والمرسلات والموضوعات والمقطوعات فِي صغره وإدراكه وكهولته وشبابه عِنْد فَرَاغه وَعند شغله وَعند فقره وَعند غناهُ بالجبال والبحار والبلدان والبراري على الْأَحْجَار والأصداف والجلود والأكتاف إِلَى الْوَقْت الَّذِي يُمكنهُ نَقله إِلَى الأوراق عَمَّن هُوَ فَوْقه وَعَمن هُوَ مثله وَعَمن هُوَ دونه وَعَن كتاب إِلَيْهِ يتَيَقَّن أَنه خطه دون غَيره لوجه الله تَعَالَى طَالبا لمرضاته وَالْعَمَل بموافق كتاب الله تَعَالَى ونشرها بَين طالبها والتأليف فِي إحْيَاء ذكره بعده ثمَّ لَا تتمّ هَذِه الْأَشْيَاء إِلَّا بِأَرْبَع معرفَة الْكِتَابَة والثقة والضبط والنحو مَعَ أَربع هِيَ من مَحْض عَطاء الله تَعَالَى الْقُدْرَة وَالصِّحَّة والحرص وَالْحِفْظ فَإِذا تمت هَذِه الْأَشْيَاء هان عَلَيْهِ أَربع الْأَهْل وَالْمَال والوطن وَالْولد وابتلى بِأَرْبَع شماتة الْأَعْدَاء وملامة الأصدقاء وَطعن الجهلاء وحسد الْعلمَاء فَإِذا صَبر على هَذِه المحن الْأَرْبَع أكْرمه الله تَعَالَى بِأَرْبَع بعز القناعة وتهنئة النَّفس وَلَذَّة الْعلم وَحسن الذّكر وأثابه فِي الْآخِرَة بِأَرْبَع بالشفاعة لمن أَرَادَ من أحبابه وبظل الْعَرْش يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله ويسقى من أَرَادَ من حَوْض نبيه وبجوار الرَّحْمَن فِي أَعلَى عليين فِي الْجنَّة فقد أَخْبَرتك يَا بني بجملة مَا كنت سمعته من مشايخي مُتَفَرقًا فِي هَذَا الْبَاب فَأقبل الْآن على مَا قصدتني لَهُ أودع قَالَ فهالني قَوْله فَسكت متفكرا وطرقت نَادِما فَلَمَّا رأى ذَلِك مني قَالَ لي فَإِذا لم تطق هَذِه المشاق كلهَا فَعَلَيْك بالفقه الَّذِي يمكنك فعله وَأَنت ببيتك لَا تحْتَاج لبعد الْأَسْفَار وَوَطْء الديار وركوب الْبحار وَهُوَ مَعَ ذَلِك ثَمَرَة الحَدِيث وَلَيْسَ ثَوَاب الْفِقْه دون ثَوَاب الحَدِيث فِي الْآخِرَة وَلَا فن الْفَقِيه بِأَقَلّ من فن الْمُحدث قَالَ فَلَمَّا سَمِعت ذَلِك نقض عزمي فِي طلب الحَدِيث وَأَقْبَلت على دراسة الْفِقْه وتعلمه إِلَى أَن صرت مُتَقَدما فِيهِ فَلذَلِك لم يكن عِنْدِي مَا أمليه على هَذَا الصَّبِي فَقَالَ لَهُ الْمعلم أَن هَذَا الحَدِيث الَّذِي لَا يُوجد عِنْد غَيْرك خير للصَّبِيّ من كَلَام كثير نجده عِنْد غَيْرك انْتهى واستفيد من ذَلِك مزِيد فضل الْفِقْه وَأَنه ثَمَرَة الحَدِيث وَإِن كَانَ طلب الحَدِيث أَشد وتحصيله أشق وَحكى الْخَطِيب فِي تَارِيخ بَغْدَاد أَن معتزليا لَام مُحدثا على كَثْرَة كِتَابَته فَقَالَ يَا بني كم تكْتب يذهب بَصرك ويحدودب ظهرك ويزداد فقرك ثمَّ كتب لَهُ بِظهْر كِتَابه:
(إِن التفقه وَالْقِرَاءَة والتشاغل بالعلوم ... أصل المذلة والإذاية والمهانة والهموم)
فَلَمَّا قَرَأَهَا قَالَ كذب عَدو نَفسه بل يرْتَفع ذكرك وينشر علمك وَيبقى اسْمك مَعَ اسْم رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ كتب لَهُ
(أَن التشاغل بالدفاتر وَالْكِتَابَة والدراسة ... أصل التفقه والزهادة والفهامة والرياسة)
وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من حفظ الْفِقْه عظمت قِيمَته وَمن تعلم الحَدِيث قويت حجَّته وَمن تعلم الشّعْر والعربية رق طبعه وَمن تعلم الْحساب جزل رَأْيه وَمن لم يصن نَفسه لم يَنْفَعهُ علمه (وَسُئِلَ) رَضِي الله عَنهُ مَا معنى قَوْله - صلى الله عليه وسلم - من عمل بِمَا يعلم وَرثهُ الله علم مَا لَا يعلم فَمَا ذَلِك الْعلم وَمَا ذَلِك الَّذِي يورثه (فَأجَاب) بقوله سُئِلَ عَن ذَلِك ابْن عبد السَّلَام وَأجَاب عَنهُ بِمَا ملخصه أَن من عمل بِمَا يعلم من وَاجِب الشَّرْع ومندوبه وَاجْتنَاب مكروهه

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست