responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 195
يَأْتِي جِبْرِيل فَسكت وَجَاء جِبْرِيل فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل وَلَكِن أسأَل رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى ثمَّ قَالَ جِبْرِيل يَا مُحَمَّد إِنِّي دَنَوْت من الله دنوا مَا دنوته مِنْهُ قطّ قَالَ وَكَيف كَانَ يَا جِبْرِيل قَالَ كَانَ بيني وَبَينه سَبْعُونَ ألف حجاب من نور فَقَالَ شَرّ الْبِقَاع أسواقها وَخير الْبِقَاع مساجدها رَوَاهُ ابْن حبَان فَهَل المُرَاد بِذكر السّبْعين أَنَّهَا بَاقِيَة أم ارْتَفَعت تِلْكَ (فَأجَاب) رَحمَه الله تَعَالَى بقوله لَا يخفى أَن الله منزه عَن الْجِهَات والمساحات وَأَن المُرَاد بِذكر الْحجب فِي هَذَا الْمحل وَغَيره إِنَّمَا هُوَ على طَريقَة الِاسْتِعَارَة والتمثيل ثمَّ فحوى لفظ الْخَبَر أَن جِبْرِيل لما أخبر عَن هَذَا الدنو الْمَخْصُوص الَّذِي لم يعهده قطّ أحب النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - أَن يسْأَله عَن حَقِيقَته إِمَّا لِيَزْدَادَ يقينه بذلك إِن كَانَ عَالما بِهِ قبله أَو ليتجدد عَلَيْهِ علم أَن لم يكن الْأَمر كَذَلِك فَسَأَلَهُ عَن كَيْفيَّة ذَلِك الدنو الْمَخْصُوص بقوله وَكَيف كَانَ يَا جِبْرِيل فَقَالَ جِبْرِيل كَانَ بيني وَبَينه سَبْعُونَ ألف حجاب من نور أَي كَانَ دنوي هَذَا الَّذِي لم أعهده إِن وصلت إِلَى مَحل بيني وَبَينه هَذِه الْحجب الْكَثِيرَة هَذَا مَعَ هَذِه الْغَايَة فِي الدنو فَمَا بالك فِي غير ذَلِك وَالْحَاصِل إِن ذَلِك من جِبْرِيل أَخْبَار عَن بعد مَسَافَة مَا بَينه وَبَين الله فِي هَذَا الْقرب فضلا عَن أكَابِر الْمَلَائِكَة وَغَيرهم وَلَا يتَوَهَّم أَن مُرَاده الْإِخْبَار عَن تِلْكَ الْحجب إِنَّهَا ارْتَفَعت لإيهامه أَنه لم يبْق بَينه وَبَين ربه حجاب وَهَذَا لَا يقدر مَخْلُوق عَلَيْهِ بل لَا بُد من الْحجب الْكَثِيرَة وَإِنَّمَا تخْتَلف رتب الأكابر بأعدادها كَمَا يدل على ذَلِك أَحَادِيث وَردت عَنهُ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَة الْإِسْرَاء وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم (وسئلت) فِي البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ مر النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بحائط من حيطان الميدنة أَو مَكَّة فَسمع صَوت إنسانين يعذبان فِي قبورهما فَقَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير ثمَّ قَالَ بلَى كَانَ أَحدهمَا لَا يستبرئ من بَوْله وَكَانَ الآخر يمشي بالنميمة ثمَّ دَعَا بجريد فَكَسرهَا كسرتين فَوضع على كل قبر مِنْهُمَا كسرة فَقيل يَا رَسُول الله لم فعلت هَذَا فَقَالَ لَعَلَّ الله أَن يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا أَو إِلَى أَن ييبسا مَا الْحِكْمَة فِي ذَلِك وَتَخْصِيص الجريدة وَهل لكل أحد أَن يفعل ذَلِك على أَي قبر شَاءَ وَهل المعذبان مسلمان أَو كَافِرَانِ (فأجبت) بِقَوْلِي جَوَاب هَذَا السُّؤَال بأقسامه يعرف من الْكَلَام على بعض أَلْفَاظ الحَدِيث فنتكلم على مَا تيَسّر مِنْهُ زِيَادَة فِي الْفَائِدَة فَنَقُول بلَى فِيهِ إِيجَاب النَّفْي أَي بلَى يعذبان فِي كَبِير وَالْجمع بَينهمَا باعتبارين أَي لَيْسَ بكبير عنْدكُمْ وَلكنه عِنْد الله كَمَا فِي {تحسبونه هينا وَهُوَ عِنْد الله عَظِيم} أَو المُرَاد بقوله وَمَا يعذبان فِي كَبِير أَي أَمر كَانَ يكبر ويشق عَلَيْهِمَا الِاحْتِرَاز مِنْهُ إِذْ لَا مشقة فِي التَّنَزُّه عَن الْبَوْل والنميمة وَلَيْسَ المُرَاد أَن ذَلِك غير كَبِير فِي أَمر الدّين بل هما كبيرتان لِأَن عدم التَّنَزُّه من الْبَوْل يلْزم مِنْهُ بطلَان الصَّلَاة وَتركهَا كَبِيرَة وَالْمَشْي بالنميمة من أقبح القبائح والكبائر لَا سِيمَا مَعَ قَوْله كَانَ وهى تشعر بِكَثْرَة ذَلِك مِنْهُمَا وَلَيْسَت الْكَبِيرَة منحصرة فِيمَا فِيهِ حد أَو وَعِيد شَدِيد بل الاظهر فِي تَعْرِيفهَا أَنَّهَا كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بِالدّينِ ورقة الدّيانَة وَلَا شكّ أَن كلا من عدم التَّنَزُّه من الْبَوْل وَمن الْمَشْي بالنميمة يُؤذن بذلك وَضمير ييبسا للمكسورتين قَالَ الْعلمَاء هُوَ مَحْمُول على أَنه سَأَلَ الشَّفَاعَة لَهما فأجيبت شَفَاعَته بِأَن يُخَفف عَنْهُمَا إِلَى أَن ييبسا وَيحْتَمل أَنه - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو لَهما تِلْكَ الْمدَّة وَيحْتَمل أَنَّهُمَا يسبحان مَا داما رطبين وَلَيْسَ لليابس تَسْبِيح وَقَوله تَعَالَى {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} أَي شَيْء حَيّ وحياة كل شَيْء بِحَسبِهِ فالخشب مَا لم ييبس وَالْحجر مَا لم يقطع وَالْجُمْهُور أَنه على عُمُومه أما حَقِيقَة وَهُوَ قَول الْمُحَقِّقين إِذْ الْعقل لَا يحيله أَو بِلِسَان الْحَال بِاعْتِبَار دلَالَته على الصَّانِع وَأَنه منزه عَن كل نقص وَعَن كل وصف غير بَالغ فِي الْكَمَال نهايته وَقَالَ الْخطابِيّ لَعَلَّ التَّخْفِيف للتبرك بأثر النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - ودعائه وَكَأَنَّهُ جعل حَده دوَام النداوة لِأَن فِي الرطب معنى لَيْسَ فِي الْيَابِس قَالَ بعض الشُّرَّاح والعامة تفرش الخوص فِي الْقُبُور وَلَيْسَ لَهُ وَجه أَلْبَتَّة انْتهى فَعلمت الْحِكْمَة فِي كسر الجريدة وَعلم أَنَّهُمَا مسلمان إِذْ الْكَافِر لَا يسْأَل لَهُ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - الشافعة وَقد مر عَن الْعلمَاء أَنه مَحْمُول عِنْدهم أَنه سَأَلَ لَهما الشَّفَاعَة فَأُجِيب فَيلْزم مِنْهُ كَونهمَا مُسلمين وَتَخْصِيص الجريد بذلك يظْهر أَن يُقَال فِي حكمته لَعَلَّه أَنه المتيسر بِالْمَدِينَةِ بِنَاء على أَن الْوَاقِعَة كَانَت بهَا وَأما الْإِشَارَة إِلَى مَا بَين الْإِنْسَان والنخلة من تَمام الْقرب والاتحاد كَمَا يشْهد لَهُ حَدِيث أكْرمُوا عماتكم النّخل فَإِنَّهَا خلقت من فضلَة

نام کتاب : الفتاوى الحديثية نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست