responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 227
الَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفَضَّلَنَا فِيهِ بِهَذَا النَّبِيِّ الْكَرِيمِ؟ فَآلَةُ الطَّرَبِ وَالسَّمَاعِ أَيُّ نِسْبَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ الَّذِي مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا فِيهِ بِسَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، وَكَانَ يَجِبُ أَنَّ يُزَادَ فِيهِ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالْخَيْرِ شُكْرًا لِلْمَوْلَى عَلَى مَا أَوْلَانَا بِهِ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزِدْ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ شَيْئًا مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِرَحْمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ وَرِفْقِهِ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ رَحْمَةً مِنْهُ بِهِمْ، لَكِنْ أَشَارَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى فَضِيلَةِ هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ بِقَوْلِهِ لِلسَّائِلِ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ: " «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ» " فَتَشْرِيفُ هَذَا الْيَوْمِ مُتَضَمِّنٌ لِتَشْرِيفِ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ نَحْتَرِمَهُ حَقَّ الِاحْتِرَامِ وَنُفَضِّلَهُ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ الْأَشْهُرَ الْفَاضِلَةَ وَهَذَا مِنْهَا؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» " " «آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي» " وَفَضِيلَةُ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ بِمَا خَصَّهَا اللَّهُ بِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي تُفْعَلُ فِيهَا لِمَا قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْأَمْكِنَةَ وَالْأَزْمِنَةَ لَا تَشْرُفُ لِذَاتِهَا، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ لَهَا التَّشْرِيفُ بِمَا خُصَّتْ بِهِ مِنَ الْمَعَانِي، فَانْظُرْ إِلَى مَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ هَذَا الشَّهْرَ الشَّرِيفَ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ صَوْمَ هَذَا الْيَوْمِ فِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي إِذَا دَخَلَ هَذَا الشَّهْرُ الْكَرِيمُ أَنْ يُكَرَّمَ وَيُعَظَّمَ وَيُحْتَرَمَ الِاحْتِرَامَ اللَّائِقَ بِهِ اتِّبَاعًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَوْنِهِ كَانَ يَخُصُّ الْأَوْقَاتَ الْفَاضِلَةَ بِزِيَادَةِ فِعْلِ الْبِرِّ فِيهَا وَكَثْرَةِ الْخَيْرَاتِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ» ، فَنَمْتَثِلُ تَعْظِيمَ الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ بِمَا امْتَثَلَهُ عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِنَا.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدِ الْتَزَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ مَا الْتَزَمَهُ مِمَّا قَدْ عُلِمَ وَلَمْ يَلْتَزِمْ فِي هَذَا الشَّهْرِ مَا الْتَزَمَهُ فِي غَيْرِهِ. فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَا عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ يُرِيدُ التَّخْفِيفَ عَنْ أُمَّتِهِ سِيَّمَا فِيمَا كَانَ يَخُصُّهُ، أَلَا تَرَى إِلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَرَّمَ الْمَدِينَةَ مِثْلَ مَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَشْرَعْ فِي قَتْلِ صَيْدِهِ وَلَا شَجَرِهِ الْجَزَاءَ تَخْفِيفًا عَلَى أُمَّتِهِ وَرَحْمَةً بِهِمْ، فَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى مَا هُوَ مِنْ جِهَتِهِ وَإِنْ كَانَ فَاضِلًا فِي نَفْسِهِ فَيَتْرُكُهُ لِلتَّخْفِيفِ عَنْهُمْ، فَعَلَى هَذَا تَعْظِيمُ هَذَا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ إِنَّمَا يَكُونُ بِزِيَادَةِ الْأَعْمَالِ الزَّاكِيَاتِ فِيهِ وَالصَّدَقَاتِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْقُرُبَاتِ، فَمَنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِهَذَا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا فِي غَيْرِهِ إِلَّا أَنَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَكْثَرُ احْتِرَامًا كَمَا يَتَأَكَّدُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، فَيَتْرُكُ الْحَدَثَ فِي

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست