responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 228
الدِّينِ وَيَجْتَنِبُ مَوَاضِعَ الْبِدَعِ وَمَا لَا يَنْبَغِي، وَقَدِ ارْتَكَبَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الزَّمَنِ ضِدَّ هَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا دَخَلَ هَذَا الشَّهْرُ الْعَظِيمُ تَسَارَعُوا فِيهِ إِلَى اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ بِالدُّفِّ وَالشَّبَّابَةِ وَغَيْرِهِمَا وَيَا لَيْتَهُمْ عَمِلُوا الْمَغَانِيَ لَيْسَ إِلَّا، بَلْ يَزْعُمُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَتَأَدَّبُ، فَيَبْدَأُ الْمَوْلِدَ بِقِرَاءَةِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَيَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ هُوَ أَكْثَرُ مَعْرِفَةً بِالتَّهَوُّكِ وَالطُّرُقِ الْمُبْهِجَةِ لِطَرَبِ النُّفُوسِ، وَهَذَا فِيهِ وُجُوهٌ مِنَ الْمَفَاسِدِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَى مَا ذُكِرَ، بَلْ ضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ، الْخَطَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُغَنِّي شَابًّا لَطِيفَ الصُّورَةِ حَسَنَ الصَّوْتِ وَالْكُسْوَةِ وَالْهَيْئَةِ، فَيَنْشُدُ التَّغَزُّلَ وَيَتَكَسَّرُ فِي صَوْتِهِ وَحَرَكَاتِهِ، فَيَفْتِنُ بَعْضَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَتَقَعُ الْفِتْنَةُ فِي الْفَرِيقَيْنِ وَيَثُورُ مِنَ الْمَفَاسِدِ مَا لَا يُحْصَى، وَقَدْ يَؤُولُ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ إِلَى فَسَادِ حَالِ الزَّوْجِ وَحَالِ الزَّوْجَةِ، وَيَحْصُلُ الْفِرَاقُ وَالنَّكَدُ الْعَاجِلُ وَتَشَتُّتُ أَمْرِهِمْ بَعْدَ جَمْعِهِمْ، وَهَذِهِ الْمَفَاسِدُ مُرَكَّبَةٌ عَلَى فِعْلِ الْمَوْلِدِ إِذَا عُمِلَ بِالسَّمَاعِ، فَإِنْ خَلَا مِنْهُ وَعَمِلَ طَعَامًا فَقَطْ وَنَوَى بِهِ الْمَوْلِدَ وَدَعَا إِلَيْهِ الْإِخْوَانَ، وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَهُوَ بِدْعَةٌ بِنَفْسِ نِيَّتِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ الْمَاضِينَ، وَاتِّبَاعُ السَّلَفِ أَوْلَى، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ نَوَى الْمَوْلِدَ، وَنَحْنُ تَبَعٌ فَيَسَعُنَا مَا وَسِعَهُمُ. انْتَهَى.
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَذُمَّ الْمَوْلِدَ بَلْ ذَمَّ مَا يَحْتَوِي عَلَيْهِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُنْكَرَاتِ، وَأَوَّلُ كَلَامِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ هَذَا الشَّهْرُ بِزِيَادَةِ فِعْلِ الْبَرِّ وَكَثْرَةِ الْخَيْرَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْقُرُبَاتِ، وَهَذَا هُوَ عَمَلُ الْمَوْلِدِ الَّذِي اسْتَحْسَنَّاهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ سِوَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ، وَذَلِكَ خَيْرٌ وَبَرٌّ وَقُرْبَةٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ آخِرًا: إِنَّهُ بِدْعَةٌ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُنَاقِضًا لِمَا تَقَدَّمَ أَوْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ أَوْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ خَيْرٌ، وَالْبِدْعَةُ مِنْهُ نِيَّةُ الْمَوْلِدِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَهُوَ بِدْعَةٌ بِنَفْسِ نِيَّتِهِ فَقَطْ، وَبِقَوْلِهِ: وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ نَوَى الْمَوْلِدَ، فَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْمَوْلِدَ فَقَطْ، وَلَمْ يَكْرَهْ عَمَلَ الطَّعَامِ وَدُعَاءَ الْإِخْوَانِ إِلَيْهِ، وَهَذَا إِذَا حُقِّقَ النَّظَرُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ أَوَّلِ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ حَثَّ فِيهِ عَلَى زِيَادَةِ فِعْلِ الْبِرِّ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ إِذْ أَوْجَدَ فِي هَذَا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى نِيَّةِ الْمَوْلِدِ، فَكَيْفَ يُذَمُّ هَذَا الْقَدْرُ مَعَ الْحَثِّ عَلَيْهِ أَوَّلًا؟ وَأَمَّا مُجَرَّدُ فِعْلِ الْبِرِّ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَصْلًا، فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يُتَصَوَّرُ، وَلَوْ تُصُوِّرَ لَمْ يَكُنْ عِبَادَةً وَلَا ثَوَابَ فِيهِ؛ إِذْ لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ، وَلَا نِيَّةَ هُنَا إِلَّا

نام کتاب : الحاوي للفتاوي نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست